الشـفـرة
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الشـفـرة ؟!

 فلسطين اليوم -

الشـفـرة

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

«اليقظة التي في النوم، والنوم الذي في اليقظة». من القائل؟ أنا أقتبس العبارة، ولا أنسبها إلى قائلها.
ابن عربي؟ النفّري؟ التوحيدي. أخلط بين عبارات هؤلاء، وبين صوفي ومعتزلي.
لكنني، قبل ثلاثين عاماً، استيقظت من نومي. «اليقظة التي في النوم، والنوم الذي في اليقظة» منعني الاستيقاظ من الانتحار ليلتين في أسبوع.

كيف دفعني «اللاوعي» إلى الإمساك بشفرة حلاقة تقليدية بأصابع يدي اليمين، ومحاولة قطع شرايين يدي، بين الكف والساعد؟ من أين التقطت الشفرة؟ هل سرت إليها كما يسير النائم «في النوم الذي في اليقظة»؟
جالساً على طرف السرير وفي أصابع يمناي شفرة، وأصابع كف يسراي مضمومة بتشنج. كيف أيقظني الوعي من اللاوعي .. فأخزيت عين شيطان اللاوعي؟ يقولون: الشيطان دفعك للموت انتحاراً، أو يقولون: الشيطان منعك من تلاوة القرآن!

إذاً، سرتُ نائماً باللاوعي. حررت شفرة الحلاقة من جرابها الورقي المزدوج. جلست على طرف السرير المفرد (سفري) في غرفة لا يشاركني فيها أحد .. ثم استيقظت!
هل اصفرّ وجهي؟ لم أنظر في مرآة. هل زاد وجيب قلبي؟ نسيت. ماذا فعلت؟ رميت شفرة الحلاقة، كيفما اتفق، بين رفوف خزانة ملأى بالكؤوس والصحون والصواني ونمت..!
قلت مرتين في ليلتين خلال أسبوع، إذ في المرة الثانية أيقظني وعيي عن محاولة ثانية لا واعية .. وكنت مستلقيا، وذراعاي مرفوعتان بتشنج، والشفرة بين أصابع يمناي. كيف وجدت الشفرة الحقيرة بين رفوف الخزانة؟ هل رأيتها نائماً، وسرت إليها نائماً، والتقطتها نائماً؟

لم أخبر أحداً، ولا بالذات أمي، عن كابوس مزدوج، نصفه في اللاوعي، ونصفه في الوعي. كل ما فعلته أنني التقطت بنطالي، والتقطت من جيبه الخلفي حافظة الأوراق والنقود، ودسست الشفرة بين جيوب الحافظة.
هل تصدقونني؟ مرّت ثلاثون سنة أُخرى، بعد ثلاثين سنة، وثمة شفرة حلاقة لها مكانها بين جيوب حافظة النقود. سأهزم شيطان اللاوعي بعقلي الإنساني الواعي.

ثلاثون سنة لم تتكرر محاولة الانتحار اللاوعية مرة ثالثة، وخلالها كنت استعمل الشفرة في مآرب أخرى، لعود الثقاب مآرب أخرى غير الاحتراق، ملموس أيضاً، للخيط لسلك الكهرباء .. وحتى للحذاء..الخ!
عندما رويت القصة لأصدقاء هذا العام كذّبوني، لكن أبرزت لهم شفرة حلاقة بين جيوب الحافظة فهي لا تكذب. تنام بجرابها الورقي بين بطاقات الصراف الآلي و»كرت» عداد الكهرباء، وبطاقات الصحافة .. وصور جواز السفر..الخ!

هكذا، تحديت شيطان اللاوعي وقهرته بالوعي .. لكنني، خلال النصف الثاني من عمري، راودتني فكرة الانتحار مرّتين وأنا في وعيي.
مرّة كنت بلا نوم أياماً، موقوفاً في مطار خلدة اللبناني العام ١٩٦٥، بعد هبوط اضطراري لطائرة P.A الباكستانية.

المسافرون امتطوا طائرات أخرى، وأخي وأنا بقينا في «التوقيف» لأننا نحمل وثائق سفر للاجئين الفلسطينيين في سورية لا يجوز لهم دخول لبنان، أو أن أخي البارز في الحزب السوري كان ممنوعاً من دخول لبنان بعد محاولة الحزب للانقلاب.

ممنوع السفر براً من بيروت لدمشق، وعلينا انتظار طائرة من طراز DC4 قادمة من حلب وعائدة إلى حلب تقل في عودتها مسافرين اثنين.
لامني أخي إذ عاملت المضيفة بفظاظة تصدر عن شاب أمضى ليلتين على كرسي.

اندفعت إلى باب الطائرة محاولاً فتحه، وإلقاء نفسي من علو في البحر. مرّت المضيفة ضاحكة وقالت: «التواليت هناك». إلى الآن، أشعر بخدر في ساقي كلما وقفت على مرتفع شاهق ونظرت إلى الأسفل.
وفي المرة الثانية؟ تعرفون أن مخدرات معينة تجعل المتعاطي يتوهم أنه طير بجناحين.

لم أتناول أي مخدر في حياتي سوى البنج الطبي.. لكن سهرة منتصف ليلة عام جديد، كانت أرملة المغدور كمال خير بك، عميد الدفاع في الحزب السوري القومي، تسهر معنا في بيت الشاعر أدونيس.
كانت ترتدي الأسود، وتلتحف بشال أبيض، ترقص رقصة الثكلى وتغني أغاني الفراق.

أوصلناها إلى بيتها أول الفجر. دعتنا إلى كأس أخيرة. رقصت وغنت. شعرت أنني طير. خرجت إلى الشرفة، وراودتني فكرة الوثب منها. هممت بالوثب. جاءت زوجتي: «حانت ساعة الانصراف».
أربع محاولات انتحار: مرتان هزم الوعي اللاوعي «اليقظة» التي في النوم، مرتان هزم الوعي اللاوعي «النوم الذي في اليقظة».
الشفرة تبقى في حافظتي. أحياناً أرفعها قبل سفرة جوية. أحياناً أنسى وترافقني في السفر.
شاعر قديم قال: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة واحدة .. لفسد!

قد يهمك أيضا :

   سلطة خرائط !

  ثلاث علامات في «الشارع الرئيسي»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشـفـرة الشـفـرة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday