«النهّاش يا علي»
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

«النهّاش.. يا علي» !

 فلسطين اليوم -

«النهّاش يا علي»

بقلم : حسن البطل

مرّت السنوية الخامسة على رحيل الشاعر، والصحافي، والباحث.. والزميل علي الخليلي؛ زميلي في "العومدة" بعاموده "أبجديات".
تبادلنا، علي وأنا، ثلاثة أعمدة خلال مرضه، ومنها: "النهّاش.. يا علي" واختار هو آخر أعمدته في "الأيام" عن زيارتي (أو عيادتي) له مرتين.. وكان استقباله لي استثناء رفضه عيادات الأصدقاء.

أعيد نشر عاموده الأخير، مع عنوان عمود لي: "إنه.. النهّاش يا علي" .. وصفت السرطان بأنه "نهّاش"!
***
كنت أتمنّى أن يزورني الصديق والزميل حسن البطل في بيتي قبل أن يعصف بي السرطان اللعين، ويقعدني عن الحركة، كي أتمكن من استقباله بحيوية الجسد المتحرر من العجز، وأطوف به على قدميّ المتوثّبتين في حديقة البيت، كما سبق أن وعدته، أكثر من مرة، في لقاءاتنا القليلة والعابرة، ولعلها النادرة، فلا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، في مقهى رام الله في شارع ركب.

عادني صديقي وزميلي حسن البطل، أخيراً في بيتي، وأنا محاصر بالمرض الوحشي في سريري. وشتّان بين العيادة والزيارة. هذه للمريض كئيبة وحزينة. وتلك للحفاوة المتألقة، والتبسط في متعة الضيافة. كم تألّمت من هذه العيادة. لا أريدها أصلاً. لا أريد أن يراني حسن وغيره من الأصدقاء والزملاء، وكلهم أعزّة ملء حبّة القلب، مخنوقاً في كل هذا العجز والفقدان. تمنيتها زيارة. آه، كم تمنيتها زيارة! كان معه أحد الزملاء الذي لم يسبق لي اللقاء به، وأعتذر الآن عن نسيان اسمه. وإلى جانب سريري يجلس حسن صامتاً، في البدء. كان وجهه باتجاه الزميل، فلا أستطيع مكالمته. ولكنه يكلمني، ويربت بكفه على كتفي المدفون تحت اللحاف. لا أستطيع الحركة، حتى أنني لا أستطيع التقلب ولو قليلاً، ذات اليمين أو ذات الشمال. مع ذلك، تمكنت من بعض الحركة الصغيرة، فالتفت حسن إليّ، وصار بإمكانه أن يقرأ شفاهي. قلت له إن هذا المرض الذي ضرب جهازي العصبي كله، يحاول أن يكسر كل أشكال التحديات، بوحشيته وجنونه. وقلت له إن أصعب ما فيه، وأشده ألماً نفسياً/ سيكولوجيا على الأخص، فقدان المريض قدرته في السيطرة على إمكانيته في الوصول إلى قضاء حاجاته الطبيعية، دون مساعدة الآخرين.

ابني الأصغر هيثم على وجه الخصوص، وقد تحمل فيها مسؤولية جديدة عليه، صعبة ومعقدة، لكنه متقبل لها برضا الابن البار بوالديه، والساعي بأقصى طاقته للتخفيف عني وإيثاري بالحب والحنان، وزوجتي سامية التي تغالب أوجاعها هي أيضاً، من أمراض الديسك والنقرس والروماتيزم، كي توفر لي ما في وسعها من رعاية، بحب وصبر. بكيت. بكيت ما أنا فيه. وما أنا عليه. بضع ثوانٍ، وأخفيت دموعي الحارقة في مآقيها المضطربة والمنغلقة على الفلفل والهوان. ينتبه حسن، ويقول لي جملة تهزّني هزّاً من الأعماق. يقول: استلهم القوة من شِعرك يا علي! وعلى الفور، أُحسّ كما لو أنني سوف أنهض من سريري، وأخرج طليقاً مع حسن إلى الحديقة. الشِعر الذي كتبته على مدار أكثر من نصف قرن، هل يحقق المعجزة؟
شعر المقاومة والتحدي والنهوض من الخراب والدمار إلى حيوية العودة للحياة، ضد الموت، وفي مواجهته. شعر الحرية وانتصار الجرح على السكين. شعر الأمل، حين يسيطر العجز على أدق التفاصيل، ويفرض الفقدان نفسه على الأشياء، لتمسح كل هذا الرعب عن الإنسان الثائر والمنتفض، نسمات الأمل، بكلمات ليست هي الكلمات بقدر كونها الوجود الإنساني واثقاً من إرادته في الخلاص من العدم والتلاشي، ومتفوقاً بذاته على أي مناهض له.
ثمة بالتالي، الشعر من جهة، والسرطان من جهة. لن يقبل هذه المعادلة على أي حال، سوى الشعراء أنفسهم، أو بعضهم، وهم البعض الأقل. ولكنني أقبلها. وأحسب أن قبولها في الرؤية الأكثر شمولاً، على المدى الطويل، لا بد أنه كامن في كل الناس. فليس من أحد على الأرض، لا يؤكد على مدار الساعة، رغبته عبر استلهام القوة في التحدي وفي المقاومة، وهو استلهام متجدد ومتطور لا يتوقف عند حد، لشعلة الروح التي هي شعلة الشعر.
وفي فضاء هذه الشعلة، سوف تتم الزيارة في يوم قادم، يا حسن. ليست نبوءة ولكنه الأمل.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النهّاش يا علي» «النهّاش يا علي»



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday