«الزمزمية»، مصفاة المغربية وفروة رأسي
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

«الزمزمية»، مصفاة المغربية.. وفروة رأسي !

 فلسطين اليوم -

«الزمزمية»، مصفاة المغربية وفروة رأسي

بقلم : حسن البطل

قد أُوصي إن أوصيت ـ بعد موتي بالتبرع بفروة رأسي إلى أقرع أو أصلع، شاباً كان أو كهلاً. أبي وإخوتي الذكور ماتوا دون أن يغزو الشيب أو الصلع رؤوسهم!

ها قد بدأت من الآخر، وسأبدأ من الأول: هذه «الزمزمية» في لغة أمّي، أو «المطرة» في لغة الشوام، أي وعاء ماء يتمنطق به العسكري أو فتى الكشافة، كما كانوا يمتنطقون بالهواتف «الغبية» في زنار سراويلهم وصاروا يحملونها في أيديهم أو في جيوب ستراتهم لما صارت كبيرة «وذكية»!

كنت، أوائل خمسينيات القرن المنصرم، ألهو في الخرائب، فعثرت على «زمزمية» من معدن، لعلها من مرميات جنود فيشي الفرنساويين، قبل أن يهزمهم جنود ديغول.

ما كان من أبي إلاّ وأخذ «الزمزمية» ـ المطرة إلى حدّاد، طرقها في كير نار من الفحم الحجري، وحولتها يدا أمّي إلى مصفاة لمعك البندورة وصناعة الرُّب منها، أو بالذات كغطاء طنجرة كثيرة الثقوب، تعلوها مغربية ـ مفتول، وتقلي

تحتها في الطنجرة قطع من لحم الدجاج وحبات الحمص ومفروم البصل. سأعرف لاحقاً، أنها من الألومنيوم الأصلي الخفيف الذي لا يصدأ.
على «داير» المصفاة فوق الطنجرة، كانت أمّي تحكم البخار المتصاعد بالعجين، وكنت وأخي الصغير نقعي حول الطبخة إقعاء القطط. يستوي عجين داير المصفاة قبل أن تنضج كومة المغربية ـ المفتول.

كنّا نصدّق ادّعاء أمّي لتطعمنا داير العجين بأنه «يقوّي الشعر»، أو نلتهمه من قرصة الجوع في معدتنا.
في المثل الشعبي السائر: «القرعة تتباهى بشعر بنت أختها»، وأنا لا أُباهي الشباب الشابين والكهول الصلع بشعر أسود إلاّ من بياض خفيف في فوديّ أو سوالف فروة رأسي، وقد تخطّيتُ عامي السبعيني بأعوام قليلة.

اعرف أنها الوراثة، وأدّعي مازحاً أنني أصبغ شعري، أو أبلّله بـ «بول البعير»، ولا أدّعي كما كانت أمّي تدّعي أن عجين داير طنجرة المفتول ـ المغربية هو المسؤول عن سواد شعر فروة رأسي.

لديّ أمد حياة أقصاه عشر سنوات، وغالب ظني أنني سأحمل شعر فروة رأسي السوداء إلى قبري، قبل أن يغزوها الشيب!
لما سألني شيخ من طيرة فلسطين (هناك طيرات عدة أكبرها طيرة حيفا ـ مسقط رأسي، وأصغرها طيرة رام الله)، عن سواد شعري، قال نكتة هي غمزة لمّاحة تشير إلى علاقة الصلع والشيب المبكر بالفحولة الذكرية، أو هرمون الذكورة «تستوستيرون»! .. لكن خصوبة الذكورة تقل، ويزداد صلعهم وشيبهم!
أعود إلى الزمزمية ـ المطرة التي صارت مصفاة لإعداد طبخة المفتول ـ المغربية، فأهل المغرب يضيفون إليها خضراوات متنوعة ولحمة وافرة ويسمونها كسكسي ويحبها الفرنساويون كما لاحظت في باريس!

إنها واحدة من ثلاثة أشياء أودعتها أمّي الراحلة لديّ في خريف عمرها، أثناء زياراتها لي لما كنت في قبرص. عدت إلى البلاد بشيئين وتركت المصفاة بأسف كبير، مع سائر أدوات مطبخي القبرصي. لماذا؟ خشيتُ أن تشكّ بها آلات فحص جنود إسرائيل على الجسر، ويفتحون حقائب العودة إلى البلاد.

إلى الآن، على طاولة بيتي علبة خشبية شامية أصلية مطعمة ـ مزخرفة ـ منزّلة، كان اشتراها أبي عام 1956 من باب شرقي ـ دمشق، لتكون علبة حلويات وملبّس ضيافة العيدين الصغير والكبير. إنها ذات حجم مصغّر لطاولات لعبة الزهر الدمشقية البديعة، وهي مبطّنة في جوفها بقماش أحمر زاهي اللون. ربما أُورثها إلى ابنتي أو ابني في لندن.

الشيء الثالث، كان آخر تقاليد الوداع من أمّي إلي، وهو مسبحة عقيق يمانية قديمة الحبات وأصلية، اشتريتها من صنعاء، وعدد حبّاتها 100 حبة، وقسّمتها أمّي إلى ثلاث مسابح لي ولأخويّ الأكبر مني، اللذين ماتا قبل موتي، وماتا بشعر ضارب للسواد.

أطقطق حبّات مسبحة العقيق في بيتي، ولا أحملها خارجه حتى لا تضيع كما تضيع حبّات مسابح رخيصة، أو ولّاعات سكائر، أو أقلام.. وأحياناً شاحن لهذا الهاتف الذكي ـ الغبي.

لا أتملّى وجهي وشعر رأسي.. إلاّ عندما أغسل وجهي صباحاً ومساءً، أو عندما أجلس إلى كرسي الحلاق، الذي يصرّ على تطويل سالفي قليلاً، ليغطّي أعلى شحمة أذني الطويلة فوق العادة، ويدّعي أنّ الأذن الطويلة ذات شحمة الأذن الكبيرة من دلائل طول العمر.

فقط، عند حلّاقي يجفّف شعري المصفوف بـ»سيشوار» خفيف، كل حلقة بين شهر وشهر ونصف، فيحافظ هذا على بصيلات فروة شعري قوية فوق العادة.
.. ربما «داير العجين» ربما الوراثة.. وربما لم أملك أبداً مجفّف شعر.. وين البعير وبولها!
حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الزمزمية»، مصفاة المغربية وفروة رأسي «الزمزمية»، مصفاة المغربية وفروة رأسي



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday