دم أزرق
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

دم أزرق

 فلسطين اليوم -

دم أزرق

بقلم : حسن البطل

هل وصل ولع الإنسان بالمآكل الغريبة حدّ أن يقدم لك نادل مطعم ما (صيني مثلاً) طبقاً من العقارب والعناكب؟ غير أن كائنا بحرياً، لعله الأعتق في صنف القشريات، قد تؤكل أرجله، رغم أنه، شكلاً، بين العنكبوت والعقرب، ولكنه أضخم جسماً من هذا وذاك.. وأكثر عراقة من كليهما على هذه الأرض: بحرها وبرها وجوّها.
الدم أحمر اللون، سواء أكان بارداً أم حاراً: غير أن ذلك الكائن البحري، المسمى «الليمول»، لا يزال هو كما هو .. منذ 350 مليون سنة، سادت خلالها الديناصورات ثم بادت، وارتقى مخلوق سيدعى الإنسان، من شيء لم يكن مذكوراً، إلى سيد المخلوقات.
كائن «الليمول» أقرب إلى عقرب أو عنكبوت يرتدي تلك القبعة (أو الخوذة) التي ترتديها السلحفاة. 
إنه أحد أكثر الكائنات القشرية محافظة، لأنه يعود إلى حقبة جيولوجية كان هواء الأرض فيها مزيجا من غاز الميثان (غاز المستنقعات) ومن الآزوت، وليس من الاكسجين والآزوت.
لسبب ما، تحب السلالات المالكة الأكثر عراقة، أن تنسب لون دمها إلى الأزرق لا إلى الأحمر.     
بهذا المعنى، فإن «الليمول» هو امبراطور البحر والبر، دون منازع .. لأنه كائن بدم أزرق.
الدم هو الدم، مجرد ناقل للغذاء أو الهواء إلى خلايا الجسم. قبل مئات الملايين من السنوات كان دم الكائنات أزرق.. لا لسبب، سوى أن قاعدته من معدن النحاس، بينما قاعدة دم المخلوقات المعاصرة من حديد (مزجهما الإنسان واخترع البرونز) .. سواء أكانت من ذوات الدم الأحمر «الحار»، أو ذوات الدم الأحمر «البارد».
هذا الكائن قبيح الشكل جدا، لأن علم الجمال وضع قواعده الإنسان، الذي لا يستطيع خياله أن يتصور كائنا يفوقه جمالا وحسناً. 
يكفي أن تتابع أفلاما خرافية عن كائنات الفضاء السحيق، وستجدها تفوق الإنسان علماً. لكن، من المستحيل أن تتفوق عليه في مجالين اثنين: الجمال والحس الإخلاقي، المعبر عنه بـ «الضمير»؟!
تشير أشكال المحفوظات الحيوية في الصخور العتيقة، إلى أن العقرب يحافظ على شكله منذ خمسين مليون عام، تطور خلالها الحصان من حيوان صغير إلى كبير نسبياً، وتطورت أصابع قوائمه الأربع إلى حافر، وتفرّع القط خلالها عن النمر.
.. لكن، خلال 350 مليون سنة، انفصلت خلالها الصفائح القارية عن بعضها البعض، وسبحت بعيدا في البحار، وتغير تركيب هواء الأرض، وتبدلت درجة ملوحة البحر .. ظل «الليمول» هو الليمول. وظل دمه الأزرق أزرق.
على الرغم من بشاعته، فهو حيوان بحري غير مؤذ، لا أعداء له في البحر الرحيب .. ربما لأن البشاعة قد تغدو أمضى الأسلحة في صراع البقاء. عدوه الوحيد هو الإنسان ذو الدم الحار والعقل النير، لأن الطيور قد تكتفي بحاجتها من بيوض «الليمول».
بين أيار وتموز، وفي ليلة مقمرة دائماً، تمام البدر، تغزو هذه العناكب - العقارب المدرعة الظهر أماكن معينة على سواحل الولايات المتحدة الشرقية، مرتين في السنة، قادمة عبر 5000 كم من القطب الشمالي، لتضع بيوضها في خلجان ضحلة المياه، كما يفعل كثير من الكائنات البحرية، أبرزها سلحفاة البحر الشهيرة.
هذا الحيوان، الذي يعود إلى ما قبل التاريخ (الحيوي / الجيولوجي، لا الإنساني المدوّن) يسمى، أيضاً، لدى العامة «السرطان الأزرق»، نظرا لشكله .. وللون دمه خصوصاً.
حتى عشرات السنوات المنصرمة، كان يتم اصطيادها وتكويمها على الشواطئ أسابيع طويلة حتى تهمد حركتها .. ومن ثم، تُطحن أجسامها.. وتقدم سمادا إلى الأرض. في وقت لاحق صارت أجسامها تقطع نصفين وتستخدم طُعماً لاصطياد بعض الكائنات البحرية.
حالياً، ومع ارتفاع مطّرد في الوعي البيئوي، يتم صيدها بسهولة تامة، ثم تقاد إلى المختبرات، حيث يتم «حلبها» بوخزها .. ثم استنزاف معظم دمها الأزرق.
اكتشفوا أن تفاعلات دمها الأزرق تمكّن علماء الأدوية من اكتشاف جراثيم معينة في مرحلة مبكرة جدا، إضافة إلى فوائد دمها الأزرق في علم السموم .. واستطبابات لا حصر لها. وقبل كل شيء معرفة المزيد من آليات التكيف، التي فشلت فيها كائنات عملاقة.
من غير الواضح، حتى الآن، اذا ما كانت الحاجة سوف تستدعي، مثلا، استبدال دم انسان مريض بسرطان الدم من دم حار احمر اللون إلى دم ازرق. لكن، من المحتمل، يستطيع «الليمول» التكيف مع شروط حياة تنقلب عاليها سافلها، وتؤدي إلى انقراض الإنسان نفسه، ومعظم الكائنات المعروفة حاليا .. ربما باستثناء حشرات معينة كالعقارب والعناكب، لأن تكييف الإنسان لشروط طبيعية في كوكبه شيء خلاف حدود ضيقة لتكيفه مع انقلاب الشروط الطبيعية.
يحاول الإنسان الاحتياط من فنائه البيولوجي الحتمي بأحد سبيلين: التفتيش عن كواكب في مجاهل  الكون ذات شروط كالتي يتمتع بها على الأرض؛ أو إرسال مركبات فضاء خارج المجموعة الشمسية مزودة رموزا تختزل مكان الأرض في الكون، وإنجازات الإنسان منذ اكتشافه النار إلى اكتشافه الطاقة الذرية.
أما هذا «الليمول» فسيظل ملك الحياة البحرية متمتعا بدمه الأزرق.. بينما ستختفي بقية «الملوك» من البر ومن البحر.
حسن البطل 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دم أزرق دم أزرق



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019

GMT 23:42 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

طريقة عمل البطاطس بوصفة جديدة

GMT 09:33 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

8 وجهات مميزة لعشاق المغامرات

GMT 07:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك ما تحتاج معرفته قبل السفر إلى جزر المالديف

GMT 02:07 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

مصر تستورد 34 مليار متر مكعب مياهًا افتراضية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday