إنَّ الكِرَامَ قليلُ
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

 فلسطين اليوم -

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

بقلم : تركي الدخيل

 

مِثل كَثيرٍ مِنْ أبيَاتِ الشّعْرِ العَرَبيَّةِ، هناكَ خلافٌ في نِسْبَةِ هذَا البَيتِ إلَى شَاعِرٍ مُعَيَّن، فثمةَ من ينسبُه إلَى الشَّاعِرِ الجَاهِلِيّ السَّمَوْأَلِ بنِ عاديَا اليَهُودِيّ، وهناكَ من ينسبُه إلَى الشَّاعِرِ الأُمَوِيّ عَبدِ المَلِكِ بنِ عَبدِ الرَّحِيمِ الحَارِثِيّ.

وهوَ بَيتٌ مِنْ أشْهَرِ أبْيَاتِ الفَخْرِ، وأجْمَلِهَا، وأجلِّهَا، وفِيهِ يَقولُ الشَّاعِرُ:

تُعيِّرُنَا أنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا

فقُلتُ لهَا: إنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ

تَقومُ فكرةُ البَيْتِ الرَّئيسَةُ علَى أنَّ الفَتاةَ الَّتِي حَدَثَنَا الشَّاعِرُ عَنْهَا، عَيَّرَتهُ بِقِلَّةِ عَدَدِ قَوْمَهِ، سَائرةً علَى الفِكْرَةِ السَّائِدَةِ، الَّتِي تَربِطُ القِيمةَ بِالكثْرَةِ وحدَهَا، لكنَّ الشَّاعِرَ ردَّ عليهَا مُعتَرِفاً بأنَّهُمْ قِلَّةٌ، مُبيناً لَهَا أنَّ الكَثرةَ لَيستْ مَمْدُوحَةً دوماً، وأنَّ القِيمةَ تكونُ بالقِلَّةِ فِي الغَالِبِ، فقالَ لَهَا: «إنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ».

> تُعَيِّرُنَا: تَعَايَرَ القَوْمُ: إذَا ذَكَرُوا العَارَ بَينَهم. وَردَ فِي المَعَاجِم: «عيَّره» بمعنَى نَسبَهُ إلَى العَارِ، وقَبَّحَ عليهِ فِعلَه، ومِنْ ذلكَ قولُ ابنِ المُقَفَّعِ: «يكونُ كَالأعمَى الّذي يعيّرُ الأعمَى بِعَمَاه» («معجمُ الصَّوابِ اللغَوِي»، أحمد مختار عمر).

> قَلِيلٌ: ضِدُّ كَثيرٍ، وأصلُهُ مِنْ قَلَّ. تقولُ قَلَّ الشَّيءُ فَهوَ قليلٌ، والقُلُّ: القَلِيلُ.

> عَدِيدُنَا: العَدِيدُ: الكَثرةُ. ومَا أَكثَرَ عديدَ بنِي فُلانٍ وعَدَدَهُمْ!

> الكِرَام: جمعُ كريمٍ. والكَرَمُ له معانٍ كثيرة منها: الكرم: شَرفُ الرَّجلِ. رجل كريمٌ وقوم كِرامٌ. (العين)، الخليل بن أحمد.

وفِي المَعنَى الّذي يؤكّدُ أنَّ القليلَ قد يكونُ خَيراً من الكَثِيرِ، يَقولُ أبُو الطَّيّبِ المُتَنَبّي:

فَإِنَّ قَلِيلَ الحُبِّ بِالعَقْلِ صَالِحٌ وإِنَّ كَثِيرَ الحُبِّ بِالجَهْلِ فَاسِدُوَجَاءَتِ الكَثْرةُ فِي القُرآنِ الكَريمِ مَذمُومةً في مُعظَمِ ذِكرِهَا، كَمَا جاءَتِ القِلَّةُ مَمْدوحَةً فِي الغَالِبِ، فَمِنْ ذَلك:

قولُه تَعَالَى: «وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً»، وقالَ تعالَى: «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»، وقولُه سُبحانَه: «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ»، وقولُه تَباركَ وتَعَالَى: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ»، «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُون»، وقَالَ تعالَى: «وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ».

وفي حديث النبي ﷺ أنَّه قالَ: «يُوشكُ أنْ تَتداعَى عَليكُمُ الأمَمُ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ علَى قَصْعَتِهَا».

قَالُوا: أمِنْ قِلَّةٍ نَحنُ يَا رَسول اللهِ؟

قَالَ: «لَا. أنتمْ يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكُمْ غثاءٌ كَغثاءِ السَّيلِ».

وقَالَ: «النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». أي أنَّ المَرضِي من النَّاسِ نَادرٌ، كَندرةِ النَّجِيبِ منَ الإِبلِ القوي الذي يَتحمَّلُ الأسفارَ والأحْمالَ.

وفِي عجزِ البيتِ، قالَ:

فقُلتُ لها: إنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ

يَعنِي أنَّ الكِرَامَ يَقِلُّونَ، وهو اعترافٌ بِقِلَّةِ العَدَدِ، لا بِقِلَّةِ القَدْرِ والقيمة.

وبعدَ بيتِ القَصيدِ، أوردَ الشَّاعرُ بيتينِ جميلينِ، ضمنَ فخرِه، وَرَدّهِ علَى مَا عُيِّرَ به، يقولُ:

وَمَا قَلَّ مَنْ كَانَتْ بَقَايَاهُ مِثْلَنَا

شَبَابٌ تَسَامَى لِلعُلا وَكُهُولُ

وَمَا ضَرَّنَا أنَّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا

عَزِيزٌ وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنَّ الكِرَامَ قليلُ إنَّ الكِرَامَ قليلُ



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:20 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجوزاء" في كانون الأول 2019

GMT 15:13 2014 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض "الشارقة للكتاب" يستضيف الإعلامي أسامة مرّة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday