عندما نألف النِّعم
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

عندما نألف النِّعم

 فلسطين اليوم -

عندما نألف النِّعم

سما حسن
بقلم : سما حسن

أرسلت أسطوانة الغاز للموزع لكي يقوم بتعبئتها، حملها على ظهره ذلك الشاب الأسمر عريض المنكبين وهبط بها سلم البناية، وعدت لمواصلة عملي، وقد وعدني أن يعيدها ممتلئةً بغاز الطبخ في اليوم التالي، مر على وعده يومان ولم يأتِ، فاتصلت به وسألته عنها فقال لي: ما لون أسطوانتكم؟، وهنا لم أجد جواباً دقيقاً، فالشاب لم يميز الاسم الباهت المدون على الأسطوانة، وربما أراد ان يسهل عملية البحث، ولكني اكتشفت أنني لم أكن أعرف لونها.

سرحت قليلاً ثم ناديت ابنتي الصغيرة وسألتها على عجل: ما لون «الانبوبة»؟ فهزت ابنتي كتفيها الرقيقين بمعنى لا أذكر او لا أعرف، فيما جاء صوت ابنتي الكبرى من غرفتها: يا ماما، لونها إما أزرق او رصاصي، هذان اللونان فقط المشهوران للأنابيب، وهكذا اكتشفت أنني امتلك اسطوانتين لغاز الطبخ لا اعرف لونهما بالتحديد.

قد يبدو اكتشافي مضحكاً، فغالباً ما تكون ألوان الأنابيب كالحة وربما علا أكثر محيطها الصدأ، ولذلك فقد يختلط اللون الأصلي بلون الصدأ والقدم،  ولكني أحفظ هيئة اسطوانة الغاز جيداً، وحين أنظر لها عندما يعود بها الموزع فأرسل نظري نحو اسم ابني الأكبر المدون على جانبها، وأشير له ان يحملها للطابق العلوي من البناية، حيث أسكن مع اولادي، ولكني لم افكر يوماً بلون الاسطوانة، رغم فائدتها العظيمة، لقد ألفت وجودها واعتدته ومررت بها في روحي وذهابي إلى مطبخي الصغير وهي ترقد بهدوء وبثقلها على بعد متر من الموقد، ويربط بينهما خرطوم بلاستيكي.

إننا يا أصدقاء قد ألفنا النعم حتى نسيناها، وقد اعتدنا الخير حتى لم نعد نشعر بقيمته، وتعودنا على توفر كل شيء بين ايدينا من مأكل ومشرب، وتعاملنا مع أجسامنا بصحتها وعافيتها حتى نسينا ان فقدان الشيء كارثة، ونقصان النعم مصيبة، وأن غياب الرزق بلاء، فلا أحد يستطيع أن يعيش دون كماليات قبل الأساسيات في هذه الأيام.

يتندر كثيرون بأن سائل غسيل الشعر قد نفد، وبدؤوا يخلطون ما تبقى في قعر القنينة بالماء، وذلك بسبب تأخر صرف رواتب الموظفين، ولكن لا أحد قد فكر يوماً ما ان يشكر الله على نعمة الراتب الصغير الذي يطير بمجرد ان تغادر آلة الصراف الآلي، أو قبل أن تصل به إلى البيت.

الراتب كان يطير إلى الفواتير والأقساط والسوبرماركت ومحلات الملابس والصيدلية على زاوية الشارع المفضي إلى البيت، وكنا نتأفف ونشعر بالسخط لذلك، حتى تأخر الراتب وأصبحنا نتمنى ان يعود لكي يطير قبل أن يصل على البيت، فالراتب على الأقل لم يكن يضطرنا لأن نخلط ما تبقى من سائل غسيل الشعر» الشامبو» بالماء.

من المؤكد أن الراتب هو حق الموظف، ولكن الموظف تأخر كثيراً في شكر النعم، ولذلك حين يعود الراتب يجب ان نفكر بأن ننظر ونتأمل إلى قنينة سائل غسيل الشعر، أن نتأملها كثيراً، أن نضعها على الطاولة أمام الأعين في صالون البيت، وان نضع الفواتير المسددة والمختومة على الخزانة الصغيرة بالقرب من باب البيت وتحت المرآة التي نهذب أمامها ملابسنا قبل خروجنا، لكي نشكر الله دائماً على نعمة قليلة، لا نشعر بقيمتها إلا حين نفقدها.

ربما كان الراتب أحد النعم المحسوسة، ونرجو ان تجد الحكومة حلاً ومخرجاً لهذه الأزمة بما يسمح للموظف بتسديد اقل التزاماته، وان نبقى على قلب رجل واحد في مواجهة مخطط الضم، وكل ما يمس شرعية القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت يجب أن نشكر الله على النعم ونشعر بالامتنان وبأننا محظوظون لأننا امتلكنا القليل، حتى لو ضاع القليل فسوف تصاب حياتنا بالشلل، فدائماً علينا ان نتذكر انه بالشكر تدوم النعم، وبأن أصعب بلاء يصيب الإنسان هو أن يألف النعمة فلا يشعر بقيمتها إلا حين تزول.

قد يهمك أيضا :

كي لا ننسى

شاطئ مثير للجدل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما نألف النِّعم عندما نألف النِّعم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday