الفلسطيني في الرواية العربية إلياس خوري في «الوجوه البيضاء» 2  2
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الفلسطيني في الرواية العربية: إلياس خوري في «الوجوه البيضاء» (2 - 2)

 فلسطين اليوم -

الفلسطيني في الرواية العربية إلياس خوري في «الوجوه البيضاء» 2  2

عادل الأسطة
بقلم : عادل الأسطة

هل تغير فدائي ستينيات القرن العشرين عندما تدفقت أموال النفط على منظمة التحرير؟
حين نتابع شخصية "أبو جاسم" في الرواية فإننا نقف أمام فدائي ظل وفيا لما تربى عليه، في علاقته بالمال وبالناس، ولم يتغير سلوكه الفردي كثيرا، خلافا لغيره من القيادات التي صار لها حرس ومواكب.رفض أبو جاسم في البداية، حين صار قائدا، أن يسير ومعه حراسه، وظل الفدائي السري البسيط المتواضع هو ما يفرض عليه سلوكه وتصرفاته، ولكنه اضطر للخضوع إلى أوامر الجهات العليا في المنظمة التي أرادت أن تحافظ على حياته، فهو لم يعد فدائي الظل المجهول. لقد غدا قائدا معروفا والسير بلا حراسة يشكل خطرا عليه، ومع أنه انصاع للأوامر إلا أنه لم يبالغ في الأمر وظل أقرب إلى طبيعته ونشأته.

أبو جاسم الذي رفض مظاهر البذخ والترف ولم يخضع لإغراء المال الوفير ظل أيضا يحافظ على أخلاقيات الثورة، فوقف، مثل "أبو علي إياد" موقفا صارما وقاسيا من التجاوزات ومن سلوكات الفتوات التي بدأت تظهر في أثناء الحرب الأهلية."ولكن من هو هذا الدنيء، الذي يقتل رجلا مسكينا من أجل محبسه الذهبي. أين الرجولة؟ثم حذف فكرة أن يكونوا هم القتلة.

- لا يمكن، إنهم لا يقتلون من أجل محبس. هل هناك، وبعد كل هذه البنوك التي سرقت، من يقتل رجلا من أجل محبس ذهبي رفيع وتافه، ولا يساوي أكثر من مئتي ليرة".
يعترض فدائي أمام "أبو جاسم" على حياة بعض الزعماء حيث يملكون السيارات ويعيشون كالأغنياء في حين يحيا المقاتلون في فقر، فيرد أبو جاسم:
"- هذا غلط، دلوني على فقير واحد، وأنا أدير له عملا شريفا".
هنا يمكن العودة إلى القسم الأول من الفصل الخامس الذي يأتي على الفدائيين من جيل السبعينيات؛ الجيل الذي حارب العدو الصهيوني ثم فجأة وجد نفسه ينخرط في الحرب الأهلية اللبنانية ويمارس أفعالا لم ترق لقسم من الفدائيين، لأنها تتنافى والوعي الثوري.
فهد بدر الدين البالغ من العمر ٢٦ عاما، طالب في قسم الأدب العربي في الجامعة لم يتابع دروسه بسبب عينيه "فهو لا يستطيع القراءة بشكل متواصل. أعزب"، ينخرط في صفوف المقاومة ويتشكل لديه وعي إنساني وثوري ويشارك في المعارك التي تخوضها قوات الثورة الفلسطينية والقوات التقدمية واليسارية في لبنان ضد القوات الكتائبية، ويكون مستعدا للتضحية بنفسه من أجل إنقاذ رفيق جريح له، ويعجب حين يصغي إلى قائده وهو يثنيه عن ذلك، بحجة أنه ليس مستعدا للتضحية بعشرة مقاتلين من أجل إنقاذ مقاتل واحد.
أكثر مما سبق لا يروق لفهد ما ينهجه المسؤول عنه وما توافق عليه سمر التي تريد تصوير فيلم سينمائي. يرى المسؤول وترى سمر أن الحقيقة يجب أن تخدم الثورة، ويرى فهد أن الحقيقة يجب أن تخدم الحقيقة، وهنا يحدث الاختلاف، فما يراه فهد لا يروق الأكثرية التي تقرر نقله إلى بيروت وإبعاده عن مناطق القتال للتخلص من أفكاره وتأثيرها.
كانت ذروة الاختلاف تتمثل في موقفه من أسير من الجهة المعادية أقدم المسؤول والمقاتلون على إعدامه. لقد استاء فهد من عقلية الثأر التي تسود وتطغى لدى المقاتلين ورأى أنه كان الأجدر ألا يقتل الأسير الشاب الخائف المرتجف وأن يعامل أسيرا لا قاتلا.
"الحرب هي الحرب" يقول الآخرون ويتصرفون بوحشية لا بإنسانية، ويكون فهد استثناء لا يؤخذ برأيه بل يعاقب عليه.
ليس فهد الفلسطيني الوحيد. هناك شخصيات فلسطينية أخرى لافتة، فهناك سمر التي تشارك في الثورة من خلال الفن. تقوم سمر بتصوير فيلم من أجل فضح الفاشيين، وتوافق على أن تقيم في شقة مصادرة وتبرر مصادرة أملاك الأعداء بحجة ما ارتكبوه بحق الفلسطينيين، وتنظر للفكر الثوري، ولكنها سرعان ما تتزوج من تاجر لتعيش حياة برجوازية.
وهناك الأستاذ الجامعي إبراهيم الذي يلتحق بالثورة ويقاتل، فيكون أول أستاذ جامعي ومقاتل يراه فهد "هذه هي المرة الأولى التي ألتقي فيها بأستاذ جامعي ومقاتل"، ولكن إبراهيم الذي كان يحدث المقاتلين عن "ماوتسي تونغ وبول بوت الذي ألغى المدن وجزر الخيال، وعن حرب الشعب والثورة والتحرير وكان مقنعا ومقاتلا" سرعان ما ترك الثورة وصار ينظر للدين ويدعو إليه، وحين يسأله فهد عما ألم به يجيب:
"- كل شيء فرط".
"وأخبرني أن العودة إلى الدين هي الحل الوحيد".
إن نموذج اليساري الذي يتحول إلى الدين ويدعو إليه نموذج سوف يطالعنا في الرواية العربية التي كتبت في العقود الثلاثة الأخيرة، وقد تكون رواية "الوجوه البيضاء" من أوائل الروايات العربية التي كتبت عن هذا التحول، وهذا يسجل لصالحها.
لا يكتفي إلياس خوري برصد الواقع الفلسطيني من خلال هذه النماذج وإنما يبدو في كتابته، على لسان فهد وغيره من الفدائيين، انه نقد ذاتي للثورة وسلوك بعض قيادييها، فالثورة كانت في السر ثورة مختلفة، وحين ظهرت إلى العلن اختلفت، وكان الفدائيون مقاتلين حقيقيين يوم لم يملكوا المال، وحين امتلكوه اختلفوا و"صرنا نتلهى بأمور لا معنى لها" و"صاروا يكذبون ويدعون الشجاعة" فأين هم من أبو جاسم أو من أبو علي إياد؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطيني في الرواية العربية إلياس خوري في «الوجوه البيضاء» 2  2 الفلسطيني في الرواية العربية إلياس خوري في «الوجوه البيضاء» 2  2



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين

GMT 10:57 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

هازارد يؤكّد أن هيغواين سيكون إضافة قوية لـ"تشيلسي"

GMT 05:16 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

السعودية تعين الروبوت "تقني" موظفًا في وزارة التعليم

GMT 18:34 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

نجيب ساويرس يوجّه رسالة إلى الفنانة هيفاء وهبي

GMT 01:45 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

مئير بن شبات يبحث ملف "الجنوب السوري" في موسكو
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday