ماكرون وأزمة الإسلام 2 من 2
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

ماكرون وأزمة الإسلام (2 من 2)

 فلسطين اليوم -

ماكرون وأزمة الإسلام 2 من 2

عبد الغني سلامة
بقلم : عبد الغني سلامة

طالب فرنسي من أصول شيشانية يقتل معلمه بسبب تعليقه على رسومات مسيئة للرسول. وهذه فرصة لنعيد قراءة خطاب ماكرون، دون تشنج ولا أحكام مسبقة.
في خطابه يقول، إن على فرنسا التصدي لما وصفها بالانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز، وإنكار قيم الجمهورية. ويضيف، أزمة الإسلام في جميع أنحاء العالم وليست في فرنسا فقط، وهي مرتبطة بالتوترات بين الأصوليين والمشاريع الدينية السياسية.

وهناك نزعة إسلامية راديكالية تعمل على إحلال هيكلية منهجية للالتفاف على قوانين الجمهورية الفرنسية، وإقامة نظام آخر يقوم على قيم مغايرة، وتطوير ترتيب مختلف للمجتمع. مشيرا إلى تأثيرات خارجية على المسلمين في فرنسا أبرزها الوهابية والسلفية و»الإخوان المسلمين»، وأن السلطات الفرنسية تركتهم يتطورون وينتشرون على الأرض الفرنسية ويقيمون مشاريع سياسية بتمويلات خارجية، على حد قوله.

ويعترف ماكرون بأن السلطات تتحمل المسؤولية عن ظاهرة تحول الأحياء إلى مجتمعات منغلقة: «قمنا بتجميع السكان بموجب أصولهم، لم نتبع منهجية صحيحة لتشجيع الاندماج». داعياً إلى فهم أفضل للإسلام وتعليم اللغة العربية، وهذا حسب رأيه بإيجاد مسلمين متصالحين مع الجمهورية الفرنسية، ودون تأثيرات خارجية. مؤكدا أن فرنسا لا تستهدف الإسلام أو المسلمين، وإنما التشدد والتزمت اللذين خلقا العنف والضياع، على حد تعبيره.

هذا الخطاب يسلط الضوء على أوضاع الجاليات المسلمة في أوروبا من ناحيتين: من الناحية الخاصة بالمسلمين أنفسهم، ومن وجهة نظر الحكومات الأوروبية. وبالمثل يمكن القياس على أوضاع المسلمين في أميركا وأستراليا وكندا.

في دول الغرب عموما، تسعى الحكومات لدمج واستيعاب الجاليات المسلمة، إلا أنها تلاقي استجابة ضعيفة، خاصة من الأجيال الشابة، ومع ذلك، لا يأتي اهتمام الدول بتلك المناطق إلا في سياق أمني بحت.

فبسبب سياسة التهميش، وضعف برامج دمج هذه الأحياء في النسيج الاجتماعي الأوروبي، والتركيز فقط على البعد الأمني، ومع تفشي البطالة، صارت هذه الأحياء مغلقة، ومعزولة، ومع توافد أعداد هائلة من المهاجرين إلى تلك الأحياء، وعدم وضع سياسة كفيلة بدمجهم بالمجتمع، وترك السكان يتخبطون في مشاكلهم دون مساعدة من الدولة؛ تحولت تلك المناطق تربة خصبة للحركات الإسلامية المتشدّدة، ومعقلا للحركات المتطرفة؛ التي تمتلك مساجدها الخاصة، وتمارس سياسة اجتماعية مؤثرة في أوساط العائلات الفقيرة، وتسعى للهيمنة على جميع مظاهر الحياة.

فمثلا حي «مولنبيك» في بروكسل، بعد أن كان منطقة صناعية، أصبح أحد المناطق العشوائية الآخذة بالازدياد في العقود الأخيرة في أنحاء أوروبا، مثل الضواحي التي تحيط باريس كأحزمة بؤس، والتي صارت المناطق الأكثر فقرا وازدحاما؛ وقد صدرت تلك الأحياء معظم منفذي العمليات الإرهابية والتي أودت بحياة المئات، كما أنّ معظم «الجهاديين» الذين التحقوا بـ»داعش»، وهم بالآلاف، خرجوا من تلك الأحياء.

من جهة أخرى، تنظر الحكومات (والشعوب) بقلق إلى تطور قوة تلك الجماعات الأصولية، ونشاطها الذي يهدد استمرارية أنماط الحياة الاجتماعية والسياسية السائدة الآن في تلك الدول، والتي تعتبرها قيما عليا ارتضتها تلك المجتمعات لنفسها.

فمثلا، في بريطانيا، أعلن إسلاميون متشددون عن تطبيق الشريعة في بعض المناطق (مثل «ولتام فورست»، وضاحية «ليتون»، ومدينة «ليستر»)، وتم تحديد تلك المناطق بتعليق ملصقات تحذيرية، كُتب عليها: «أنت تدخل منطقة تطبق الشريعة، وتسري فيها القواعد الإسلامية». وتشمل هذه القوانين: فرض الملابس المحتشمة، وحظر الكحول، والاختلاط بين الجنسين، والاستماع للموسيقى، ولعب القمار، أو الاشتراك بالمراهنات، وحتى منع التدخين.

وتعتزم تلك الجماعات نشر عدة آلاف من «شرطة الشريعة» لمراقبة تطبيق وإنفاذ القوانين، ولمنع ارتكاب المحظورات في المناطق المشمولة بالحظر. وقال «انزم حوادري» المصنف كمسلم متطرف في تصريح لصحيفة «الديلي ميل»، «إن الخطوة تهدف إلى وضع أسس الدولة الإسلامية على كامل الأراضي البريطانية».

وفي أستراليا، نظم مسلمون تظاهرات سلمية مضادة لتظاهرات أخرى مناوئة للإسلام، ولكن ظهر في بعضها متشددون يحملون رايات «داعش»، ويرددون شعارات متطرفة تدعو لفرض الشريعة، ومحاربة «النصارى»، وفي حادثة متصلة قتل شاب مسلم من أصل عراقي شرطيا أستراليا على خلفية دينية، كما خرج من أستراليا مئات الشبان الذي انضموا لصفوف «داعش». وكان خبراء أستراليون قد حذروا من أن الأطفال المسلمين تظهر عليهم علامات عدم الرضا وصعوبات التكيف والاندماج، والرغبة

في الانفصال عن المجتمع الأوسع. وأرجع هؤلاء السبب في كون الأطفال المسلمين ينشؤون في أحياء مغلقة، ويشعر فيها أهاليهم بوطأة ضغوط المجتمع ووسائل الإعلام، وحتى مؤسسات الدولة وخطابها السياسي وتشريعاتها الأمنية التي كان لها دور في ذلك؛ فبدلا من اعتماد برامج لدمج واستيعاب الجاليات المسلمة، واحتواء كافة أطياف المجتمع؛ انصب التركيز الحكومي على الأمن الداخلي، والحرب على الإرهاب، ما ساهم في خلق بيئة أتاحت ظهور شبان مسلمين متشددين، وبأعداد كبيرة.

رئيسة وزراء أستراليا «جوليا جيلارد»، في تصريح شهير منسوب إليها، وهي تخاطب أحد المتشددين الإسلاميين في بلدها، تقول، «لماذا أنت متعصب، ولا تسكن في السعودية أو إيران؟ ولماذا غادرت دولتك الإسلامية أصلاً؟ أنتم تتركون دولاً تقولون عنها، إن الله باركها بنعمة الإسلام، وتهاجرون إلى دولٍ تقولون، إن الله أخزاها بالكفر، تأتون إلينا من أجل الحرية، العدالة، الرفاهية، الضمان الصحي، الحماية الاجتماعية، المساواة أمام القانون، فرص العمل العادلة، مستقبل أطفالكم، حرية التعبير.. إذاً، لا تتحدثوا معنا بتعصب وكراهية؛ فقد أعطيناكم ما تفتقدونه، احترمونا أو غادروا».

وسواء قالت جيلارد هذا الكلام بالفعل، أم لم تقله؛ سيان؛ لأنه يطرح تساؤلات عديدة: لماذا لا يحترم بعض المهاجرين قوانين الدول التي استضافتهم، ومنحتهم حق اللجوء؟ وفي المقابل، من حقنا أن نطرح أسئلة عن سياسات الدول الغربية تجاه المهاجرين، ومدى تمسكها بمبادئ حقوق الإنسان في مخيمات اللجوء، وعلى الحدود، وحتى في مياهها الإقليمية، وعن التمييز العنصري، خاصة في المطارات، عن مدى صدقية فرنسا مثلا في مسألة الحريات، وهي تفرض منع الحجاب في أماكن معينة، عن إهمالها للعديد من الأحياء ذات الأكثرية المسلمة!

كما يطرح الموضوع أسئلة عن العلاقة بين العنف وتلك الأحياء المكتظة الفقيرة، وعن دور أجهزة المخابرات في تسويق ثقافة الرعب واختراق الجماعات الإرهابية، وتغذية خطاب اليمين المتطرف من خلال «الإسلامفوبيا». والسؤال الأهم عن مستقبل أوروبا في ظل هذا الوضع المعقد.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون وأزمة الإسلام 2 من 2 ماكرون وأزمة الإسلام 2 من 2



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday