أقصى اليمين في الغرب سلفيٌ، أيضاً
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

أقصى اليمين في الغرب سلفيٌ، أيضاً..!!

 فلسطين اليوم -

أقصى اليمين في الغرب سلفيٌ، أيضاً

حسن خضر
بقلم : حسن خضر

استدعت مقالة سبقت استجابات متنوّعة من جانب أصدقاء وقرّاء. البعض علّق، والبعض أرسل ملاحظات بالبريد الإلكتروني، والماسينجر. وبقدر ما أرى: يتمثّل مصدر الاهتمام في خصوصية الموضوع، وصلة النسب بين فرنسي «تصوّف»، و»تأسلم»، و»تمشيخ» من ناحية، وأقصى اليمين الأوروبي والأميركي من ناحية ثانية. هذا جديد إلى حد ما، وأرجو أن نتمكن من توسيع أفق النقاش.

وما يضفي على الخصوصية قدراً من الإثارة، يصعب إنكاره، أن صلة النسب، في ناحيتها الثانية، تتجلى في أيديولوجيا تبدو صاعدة في الغرب، وأن مِنْ نجومها أشخاص أقوياء، فعلاً، من نوع ستيف بانون، الذي أدار حملة ترامب الانتخابية، وتولى وظيفة المستشار الاستراتيجي في بيته الأبيض، وكذلك ألكسندر دوغين، أحد أقطاب اليمين الروسي، الذي يُقال إنه يؤثر على نظرة الكرملين إلى روسيا والعالم.

وقد تعلّق جانب كبير من الملاحظات بماهية صلة النسب، التي جعلت من الشيخ عبد الواحد مصدر إلهام لحركة أيديولوجية لمع فيها، وما زال، نجم أشخاص أقوياء كبانون ودوغين، واقترنت بتصوّرات وتأملات فلسفية تحوّلت على يد أتباع ومريدين إلى مدرسة تُعرف بالتقليدية (Traditionalism). وهذا يعني أن صلة النسب لن تتضح بصورة كافية دون الكلام عن المدرسة المذكورة.

ومع ذلك، ثمة ملاحظة لن تستقيم علاقتي بالموضوع، أي حرصي على الكتابة عنه، دون تبيانها. فلم يفارقني، مثلاً، خلال قراءة كتاب تايتلباوم «حرب الأبد» الذي أوردت معلومات عنه، في مقالة الأسبوع الماضي، إحساس من رأى هذا من قبل (déjà vu). وأرجو أن يكون هذا الإحساس خاطئاً لأن دلالته مأساوية تماماً.

ففي الكتاب إشارات وإيحاءات كثيرة حول ما يكتنف سلوك أقصى اليمين الغربي من غموض، ونوايا باطنية، وتصوّرات تآمرية، واستيهامات رسولية، ودور نشر صغيرة في شوارع جانبية، وندوات تحضرها شخصيات مغمورة غريبة الأطوار، وملصقات، ومنشورات ذات عناوين غريبة، وعجيبة، تبدو هذه الأشياء، للوهلة الأولى، هامشية وغير ذات صلة، في عواصم أوروبية، ومدن وبلدات أميركية على مدار عقد مضى.

ولكن هذا كله يبدو فعلاً (déjà vu) بالنسبة لعرب عاشوا في سبعينيات القرن الماضي، في عواصم عربية كثيرة، ولاحظوا المجلدات التراثية المذهبة، وشبه المجانية تقريباً، في المكتبات، ومعارض الكتب، ناهيك طبعاً عن: مِنْ «معالم على الطريق» لسيّد قطب إلى تفسير الأحلام لابن سيرين، ومِنْ «رحلتي من الشك إلى الإيمان» لمصطفى محمود إلى فتاوى ابن تيمية.

وعلاوة على هذا، كان ثمة شخصيات غريبة الأطوار، ونوايا باطنية، وتصوّرات تآمرية، واستيهامات رسولية. لم يكن الصحويون الوهابيون قد كتبوا ونشروا، بعد، سيحتاج الأمر عقداً أو أكثر من الزمن قبل إعلان انتقالهم من الهامش والاستيلاء على المتن. وكانت هذه الأشياء كلها تبدو في البداية هامشية، وغير ذات صلة، مقارنة بالمد اليساري، والقومي، في المدارس الثانوية والجامعات، وفي وسائل الإعلام، وحتى في مناهج التعليم المركزية في المثلث المصري ـ السوري ـ العراقي. وهناك في بيروت كانت الرايات حمراً، والبنادق عالية، والأحلام خضراء.

ولكن المظاهر كانت خادعة، فلم يكد عقد السبعينيات ينتهي حتى كانت الردة اليمينية، والثورة الإخوانية ـ الوهابية المضادة، قد نجحت في التسلل إلى مراكز حضرية وحضارية كبيرة، ليصبح إسقاطها والاستيلاء عليها مسألة وقت لا أكثر. من الشهادات الرائعة كتاب اللبنانية كيم غطّاس، الصادر بالإنكليزية في مطلع العام بعنوان «الموجة السوداء»، الذي يُعيد الاعتبار إلى الذاكرة، وما كانت الحواضر عليه قبل موجة كانت فعلاً سوداء.

لذا، أرجو أن تمر عشرية القرن الحالي الثالثة في الغرب (الذي أعيش فيه، وأعرفه عن قرب) على خير، لأن الثورة المضادة، التي يقودها اليمين القومي والديني العنصري والفاشي، المعادي للحداثة، وحقوق الإنسان، وأنظمة وقيم الديمقراطية الليبرالية، تلوح في الأفق.

وينبغي الاعتراف أن الدلالة اللغوية لـ Traditionalism قد أسهمت في تعميق إحساس مَنْ «رأى هذا من قبل». الترجمة العربية للكلمة تعني «التقليدية»، وهذه تتسع في العربية، وحتى في الإنكليزية، لدلالات من نوع المألوف، والقديم، والرجعي، والمحافظ. وفي قاموسي أوكسفورد، ومريام ويبستر، يتم التمييز بين الكلمة بتاء صغيرة، والكلمة نفسها بتاء كبيرة. في الحالة الثانية تعني المدرسة الفلسفية، المعادية للحداثة، المعروفة في تاريخ الأفكار بهذا الاسم.

وإذا أضفنا الدلالة اللاحقة إلى تعريف تايتلباوم في «حرب الأبد» للمدرسة نفسها، بوصفها قناعة أن حكمة الحياة، والقانون الاجتماعي، أشياء اكتشفها البشر، أسلافنا، منذ عصور غابرة، وتجلّت مبعثرة في الأساطير والطقوس والديانات القديمة واللاحقة، سنكتشف أن الترجمة العربية مُضللة، فالتقليدية لا تحتمل، هنا، سوى دلالة السلفية الشائعة والمتداولة في الحقل الدلالي للعربية، وظلاله الأنطولوجية واللاهوتية.

بمعنى آخر، ستتغيّر طريقة فهمنا للحركة التي يعالجها تايتلباوم، إذا حررناها من دلالة «أقصى اليمين»، فلا أحد غير المختصين بتاريخ اليمين في الفكر الغربي يفهم بصورة كافية دلالة «أقصى» و»يمين»، فالأولى قد تعني التطرّف، والثانية قد تعني عكس اليسار. وفي الحالتين ثمة الكثير من الخلط والالتباس، فلا يشبه يمين يميناً آخر إذا اختلفت الحقول اللغوية، والتجربة التاريخية. وهذا يصدق على اليسار، أيضاً.

على أي حال، أعتقد أن الدلالة الأقرب إلى الصواب في معرض الكلام عن ظاهرة بانون، و»أقصى اليمين»، الذي يراهن على ترامب في أميركا، وبولسينارو في البرازيل، وبوتين في روسيا، وأوربان في المجر، وسالفيني في إيطاليا، وغيرهم، هي السلفية. وفي صلب السلفية، هذه، فكرة الدوائر، أو الحقب، التي فكّر الشيخ عبد الواحد أنها تختزل حركة التاريخ، والزمن الدائري الذي لا يكف عن العودة إلى نقطة البداية. ولنا عودة.

قد يهمك أيضا :   

تأملات في عالم متغيّر (10)

  حسومات أخلاقية ومؤامرات..!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقصى اليمين في الغرب سلفيٌ، أيضاً أقصى اليمين في الغرب سلفيٌ، أيضاً



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday