كيف سنواجه خطة الضمّ
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

كيف سنواجه خطة "الضمّ"؟

 فلسطين اليوم -

كيف سنواجه خطة الضمّ

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

لا تستقيم المواجهة الشاملة لخطة «الضمّ» الأميركية الإسرائيلية إلاّ إذا فهمنا وحددنا موقع هذا «الضمّ» في إطار الخطة المتكاملة لتصفية القضية الوطنية من كافة جوانبها. أقصد، ودون أن أقلل للحظة واحدة من إقدام الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس ترامب على نقل سفارتها إلى القدس، أن الخطة الأميركية ستكون وستظل عاجزة عن تحقيق أهدافها بتصفية الحقوق الوطنية لشعبنا دون أن تكون عملية «الضمّ» هي جوهر الخطة، وهي هدفها وأداتها في آن معاً.

وأقصد، أيضاً، أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وقطاعاته وفئاته السياسية والاجتماعية، وفي المقدمة منه قيادته الوطنية وممثله الشرعي، يدرك تمام الإدراك أن إقدام إسرائيل على «الضمّ» سيعني في الواقع انتهاء مرحلة وبداية مرحلة، ليس بالمعنى الإجرائي للكلمة، وإنما بالمعنى الاستراتيجي لها. في الفترة الفاصلة بين الإعلان عن نقل السفارة ثم الإقدام على هذا النقل وحتى الآن كان التوصيف الأدق للواقع هو [مرحلة انتقالية مؤقتة تمهيداً لدخول الخطة الأميركية حيز التطبيق الفعلي لجوهر ما تنطوي عليه]، وليس لكل ما تنطوي عليه.

وكل ما سبق هو خطوات تمهيدية بالرغم من أهميتها وخطورتها، وبالرغم من كل أبعادها وتبعاتها. ذلك أن «البقاء» عند هذه الأبعاد وهذه التبعات لا يعني بحال أن الخطة الأميركية قد تقدمت فعلياً وعلى أرض الواقع في مسار التصفية لحقوقنا، أو أنها (أي الخطة) قد تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء التي حددها القانون الدولي، والشرعية الدولية إلاّ في مسألة نقل السفارة إلى القدس.

لهذا بالذات فإن فشل «الضمّ»، أو تأجيله، أو المماطلة بشأنه يعني في حقيقة البعد السياسي المباشر والعملي له اقتصار الخطة الأميركية على نقل السفارة، وعلى إجراءات معادية هنا وهناك.
في مثل هذا الواقع ـ أي عدم القدرة على «الضمّ» ـ تصبح القرارات والتوجهات والسياسات الأميركية حيال مكتب المنظمة في واشنطن وحيال الأونروا، وحيال قطع المساعدات، والوقوف ضد فلسطين في كل المحافل والمنابر، وتتحول سياسات الإدارة الأميركية من كافة منظمات الأمم المتحدة ثم عقد مؤتمر المنامة وغيرها وغيرها إلى مجرّد ضغوط لإجبار قيادة الشعب الفلسطيني عن مفاوضات جديدة، وعلى أسس ومرجعيات جديدة تمهيداً لإخضاع الشعب الفلسطيني وإجباره على القبول بها دون أن تُقْدم هذه الإدارة ومعها إسرائيل على تنفيذ خطة «الضمّ». ودون أن يتم «ترسيم» هذا الضم إسرائيلياً والاعتراف المباشر والصريح به أميركياً تبقى الخطة هامشية وليست جوهرية. أكثر من يدرك ومن يفهم بعمق هذه الحقيقة هو اليمين القومي والديني العنصري في إسرائيل، وهم على قناعة راسخة أن الاعتراف الأميركي بالضمّ أصبح ممكناً وبات ضرورياً قبل الانتخابات الأميركية، وقبل «المغامرة» إمّا بعودة الحزب الديمقراطي الأميركي إلى سدة البيت الأبيض، أو حتى «تحرر» ترامب من احتياجه للأصوات الصهيونية المتطرفة في الأوساط اليهودية في الولايات المتحدة.

إدارة ترامب تدرك بعمق أن «تأجيل الضمّ» يشكل خطراً على جوهر الخطة الأميركية، ويدرك الفريق المتصهين الذي يحيط بالرئيس ترامب، وخصوصاً وزير الخارجية بومبيو والسفير فريدمان أن أي تأجيل أو تأخير هو بمثابة «تهديد» لنجاح هذه الخطة. وفي أغلب الظنّ فإن الولايات المتحدة تدعم حكومة الرأسين بشدة، لاعتقادها أن الوقت حتى الانتخابات الأميركية سيكون «كافياً» للاعتراف بالضمّ بعد أن تكون قد «طبخت» التوافق والاتفاق مع إسرائيل على «القبول» بالاشتراطات الاميركية المعلنة لهذا الاعتراف.

أسهبتُ قليلاً في هذا الإطار لكي أبين أن خطة الضمّ هي المسألة الأكثر أهمية وجوهرية في الخطة الأميركية، وأن هذه الخطة مطروحة بقوة على جدول أعمال هذه الإدارة وعلى جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية.
وإذا كان تأجيل الخطة الأميركية في جانب «الضمّ» منها سيعني إما فشلها بالكامل أو إفلاسها فإن إفشال الخطة هي مهمّة فلسطينية بامتياز، وعلى الجانب الفلسطيني أولاً وثانياً وعاشراً تقع هذه المسؤولية قبل أي طرف آخر، سواءً كان هذا الطرف إقليمياً أو دولياً، ولكن ليس من دون العمل والتنسيق الكامل معهما.

التأجيل أو المماطلة بما ينطوي عليه من فشل ممكن في حالة فشل حكومة الرأسين من التماسك، أو مباشرة عملها في جوّ «قانوني» آمن وفي جوّ سياسي مستقر نسبياً، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي بإسرائيل إلى الذهاب نحو انتخابات رابعة، وما يمكن أن يترتب على هكذا احتمال من أزمات سياسية واجتماعية، وحتى اقتصادية هائلة، خصوصاً في ظل أزمة «كورونا» وتداعياتها.

كما يمكن أن يتحقق هذا الفشل وفي ضوء عدم تماسك أو حتى قيام حكومة الرأسين من خلال تراجع الولايات المتحدة عن الاستمرار والمضيّ بها، إذ لا جدوى حقيقية من كامل الخطة الأميركية إذا اقتصرت على نقل السفارة، وإذا ما استبعدت عملية «الضمّ» من قبل طرفي معادلة الخطة الأميركية لأسباب موضوعية خارجة عن إرادتهما ورغبتهما الجامحة لفرضها على أرض الواقع.

سنرتكب خطيئة كبرى إذا تركنا أمور هذه الخطة الأميركية لتفشل تلقائياً بسبب تعثّر الوضع السياسي في إسرائيل أو بسبب فتور موقف الإدارة الأميركية في ضوء هذا التعثّر، وسيرجعنا هكذا موقف وهكذا سياسة إلى دائرة الانتظار الراكد، وهو الذي سيعيدنا «موضوعياً» إلى مربّع المراهنة على «تغيّر» الظروف دون أن نكون في وضع القدرة على الفعل والتأثير والتغيير، وهو ما سيؤدي حتماً إلى تآكل الحالة الوطنية، واستمرار سياسة الأمر الواقع التي تفرضها إسرائيل حتى ولو لم يتم «الضمّ» فعلياً، وليس أدلّ على ذلك من أن خيار الانتخابات الرابعة في إسرائيل ـ على صعوبة اللجوء إليها وتواضع حظها ـ لن يؤدي إلى أية تغيرات جوهرية في واقع هيمنة اليمين الديني القومي العنصري فيها.

وشتّان ما بين «الفشل» المتأتّي عن الأزمة السياسية في إسرائيل ـ وذلك لأن هذا الفشل وهذه الأزمة ليست مستدامة ـ وما بين إفشال الخطة وفق موقف فلسطيني كفاحي مستند لحالة وطنية متماسكة، ولخطة وطنية شاملة للمجابهة، وإلى برامج سياسية فعالة ومؤثرة ومتوافقة مع معطيات الدعم الإقليمي والدولي، ومستندة إلى استراتيجية صمود قادرة على إحداث الفرق المطلوب، وما يمثله هذا الفرق، وما يتطلّبه من تحشيد للطاقات والموارد في هذه المعركة الوجودية من حيث الجوهر، والمصيرية من حيث الأبعاد، والحاسمة والتاريخية من حيث الدور والمكانة والأهمية.

ولكي تكون خطة المجابهة ناجحة وفعّالة ومؤثّرة في تغيير الواقع، وفي تحقيق الأهداف، فإننا بتنا بحاجة ماسّة إلى أنساق سياسية واجتماعية وتنموية ترتقي بالفعل والأداء الوطني إلى مستوى التحدّي والخطر، وإلى مستوى صعوبة المهمّة والعقبات التي ستعترض حتماً مسارها نحو الأهداف المرجوّة منها. هذه خطة للكل الوطني، وليس لفصيل دون آخر، وليست لفئة دون أخرى، وليست لحسابات صغيرة أو كبيرة لهذا الفريق أو ذاك، وهو ما سنحاول على مدار المقالات القادمة أن نساهم به ونقترحه وندعو إليه.

قد يهمك أيضا : 

  غانتس والصعود إلى الهاوية

   الديمقراطية الإسرائيلية في أيامها الأخيرة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف سنواجه خطة الضمّ كيف سنواجه خطة الضمّ



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday