ربيع فرنسا
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

ربيع فرنسا!!

 فلسطين اليوم -

ربيع فرنسا

بقلم-محمد صلاح

لن تسقط الدولة الفرنسية مهما ارتفعت حدة الاحتجاجات على السياسات الاقتصادية للحكم هناك، لأن المجتمع الدولي لن يسمح، ولأن الدولة بالأساس قوية متماسكة وراسخة رغم مشاهد العنف وضراوة الصدامات وكثرة الحرائق التي صاحبت التظاهرات، كما أن الاحتجاجات هدفها تغيير السياسات الاقتصادية وإرغام الحكومة على رفع المعاناة عن المواطن وعدم تحميله أعباءً جديدة. سينتهي الأمر وستخف التظاهرات وستزول آثار الصدامات والحرائق، وسيعود الناس إلى عملهم وستراعي الحكومة في المستقبل أساليب تطوير الاقتصاد وعلاج المعضلات المالية.

لكن بغض النظر عن الأسباب التي دفعت الفرنسيين إلى الاحتجاج والخروج إلى الشوارع والميادين والتظاهر، وحرق إطارات السيارات وتخريب بعض مقار المؤسسات العامة والخاصة والدخول في صدام مع رجال الشرطة، فإن المشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام وغطتها المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي لم تختلف كثيراً عن تلك التي ظلت معبرة عن واقع عربي ضربه ربيع حرّكته أجهزة استخبارات وعملاء ودول استغلت فقر الشعوب وأزماتها الاقتصادية والحياتية والمعيشية وغياب العدل وانتشار الفساد، وسعت إلى إسقاط حكام وتخريب أنظمة، وتفتيت مجتمعات وإعادة رسم خريطة الوطن العربي، أو الشرق الأوسط ومنح جماعات وتنظيمات وميليشيات صكوك الشرعية ودول صغيرة أدواراً كبيرة تفوق حجمها وتاريخها وقدراتها الحقيقية، وتلبية مطامع قوى إقليمية ظلت تحلُم بالقيادة والتوسع والسيطرة فوق جثث ضحايا الاضطرابات وشهداء إرهاب، وجد في ذلك المناخ فرصاً للانتشار والتسرطُّن والانتقال من موقع إلى آخر.

لم يختلف الأمر كثيراً في الشانزليزيه عن ما جرى في شارع محمد محمود في مصر وقت الفوضى وتحت غبار الربيع العربي، حين كانت وسائل إعلام غربية وآلة إعلامية قطرية إخوانية تركية تحرض الجماهير المصرية على تخريب بلدها، وعندما جيّشت جماعات وتنظيمات لجاناً إلكترونية لفبركة تقارير وأخبار تدفع الغضب في عقول الناس لتحركهم دوافع انتقامية ضد بلدهم ومؤسساتهم وجيشهم وشرطتهم!!. لا تستغرب أن تتكرر المشاهد ولو بعد سنوات في أماكن أخرى بعيدة عن شارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير، أو أي شارع آخر في أي عاصمة عربية عصف بها الربيع وضربها إعصار الثورات، حتى لو اختلفت نوعية المواطن الفرنسي عن نظيره المصري أو تباينت أسباب الغضب هنا أو هناك! فثقافة العنف صارت سائدة والحدة في التعبير عن الرأي صارت راسخة، والاندفاع والتهور والشطط صار من الأمور الاعتيادية! الآن أدركنا فعلاً أن الفقر وحده لا يحرك مشاعر الغضب، أو أن غياب الحريات كفيل باندفاع الناس إلى الشوارع والميادين لكسر القيود، أو بأن الظلم فقط يجعل مشاعر بعض المواطنين تخرج عن السيطرة، أو أن انتشار الفساد بين الناس يدفعهم إلى ارتكاب حماقات أو قل جرائم، أو أن مواقع التواصل الاجتماعي واللجان الإلكترونية وحدها قادرة على تحريك رياح الربيع المدمر من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى.

رغم تباين المجتمعات والظروف المحيطة، فإن الكائن البشري واحد في أرجاء الدنيا وقابل للتحول نحو العنف، حتى لو لم يقف يوماً في طابور للحصول على الخبز أو انتظر ساعات أمام مخزن لينال حصته من الغاز المدعم. إنها الثقافة التي دافع عنها الغرب واخترعتها أجهزة استخبارات وحرّكتها دول لحماية مصالحها بهدم دول أخرى وتخريب مصالح شعوب أخرى، الثقافة التي صنعت لتبشر بها شعوب العالم الثالث دون أن يدري صانعوها أن طعمها قد يطيب في وقت ما للشعوب الغربية أيضاً. إنها جرائم ارتكبتها وسائل إعلام ومنظمات حقوقية ومراكز بحثية، جعلت شعوب العالم لا تطالع إلا مشاهد القتل والحرق والعنف والفوضى في مجتمعات عربية مصحوبة بإشادات بقوة هذا الشعب في التصدي لشرطة بلاده، وعنفوان هذه الفئة من الجماهير في اقتحام مؤسسات دولتها وتحريبها، وشجاعة هؤلاء الناشطين في سب حكامهم ورموز دولتهم وجسارة هذه الفئة من الشباب في تحملهم النوم في الخيام ليلاً والتصدي لقنابل الغاز صباحاً. وكما انتقلت ثقافة الإرهاب إلى مجتمعات غربية عبر وسائل إعلام مغرضة ومراكز بحثية مخربة ومنظمات حقوقية مرسلة، لم يكن غريباً بعدما جرى تجميل عنف المحتجين وتهور المتظاهرين وحدة الغاضبين أن يصبح التعبير عن الرأي بحرق الإطارات أو الاعتداء على الشرطة أو تخريب الشوارع والميادين. إنها ثقافة من صناعة غربية تم صقلها في دول عربية فاستوردتها الشعوب الغربية مجدداً لتنال شرف مرور الربيع فوق أراضيها!!

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع فرنسا ربيع فرنسا



GMT 22:40 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 04:42 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 11:38 2020 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

سامسونج تنافس أبل في خدمات الدفع الإلكتروني

GMT 07:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 05:21 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّض اللاجئين "الروهينغا" للإجبار على تجارة "البغاء"

GMT 23:34 2025 الجمعة ,17 كانون الثاني / يناير

فوائد الرمان الصحية وكيفية دمجه في نظامك الغذائي

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان بكين السينمائي يرحب بقادة صناع الترفيه الأميركية

GMT 23:29 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة كريستينا ... وحرب «العم» بلفور

GMT 10:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

14 وفاة و1088 إصابة جديدة بفيروس كورونا في فلسطين

GMT 10:57 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

هازارد يؤكّد أن هيغواين سيكون إضافة قوية لـ"تشيلسي"

GMT 05:16 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

السعودية تعين الروبوت "تقني" موظفًا في وزارة التعليم

GMT 18:34 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

نجيب ساويرس يوجّه رسالة إلى الفنانة هيفاء وهبي

GMT 01:45 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

مئير بن شبات يبحث ملف "الجنوب السوري" في موسكو
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday