علمانية تونس على المحك
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

علمانية تونس على المحك

 فلسطين اليوم -

علمانية تونس على المحك

بقلم : عمرو الشوبكي

قرار رئيس الجمهورية التونسى قرار صائب، لأن نجاح أى تجربة مدنية يتوقف فى قدرتها على تلبية احتياجات أغلب مواطنيها ولا تدخل فى خصومه عقائدية مع المتدنيين مثلما جرى فترات سابقة إنما تعطيهم نفس الحقوق والواجبات وتسمح لهم بممارسة شعائرهم وقناعاتهم الدينية.وقد يعتبر البعض أن ما فعله الرئيس التونسى إهدار لمعنى دولة القانون، فالقوانين لا تطبق بشكل انتقائى على الأفراد، وهو نظريا صحيح، ولكن عمليا يجب التمييز بين القوانين التى تنظم المجال العام والسياسى، وبين تلك التى تنظم الحياة الشخصية للأفراد فطالما أن هذا القانون سيعطى الحق للأفراد للاختيار الحر فى أمر عقيدى ونفسى، فمن حقهم أن يختاروا لأنه أمر يتعلق بالفرد لا المجتمع.أعتقد أن تونس مازالت على الطريق الصحيح رغم التحديات الكبيرة التى تواجهها وقرار الرئيس التونسى بإعطاء الحق للأفراد بالاختيار بين القانون المدنى أو الشرع نزع فتيل أزمة كبيرة، وأنه قد يكون أمراً ذا أهمية ودلالة معرفة نسب من سيختارون فى البداية القانون المدنى ومن سيختارون الشرع الدينى، وإذا كان من المتوقع حاليا أن تكون النسب متقاربة، فأعتقد أنها مع الوقت ستميل لصالح من سيختارون القانون المدنى.
أثار تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، الذى أصدره البرلمان التونسى فى 13 أغسطس الماضى، والذى نص على المساواة فى الإرث بين الرجل والمرأة، وعدم تجريم المثلية الجنسية، ردود فعل غاضبة داخل قطاعات واسعة فى المجتمع التونسى.وجاء تقرير اللجنة فى جزءين، خصص الأول للحقوق والحريات الفردية، وتناول الثانى مسألة المساواة بين الرجل والمرأة، وتضمن كل جزء مقترحات لتضمينها فى نصوص قانونية وتشريعات.وقد أثار التقرير موجة من الجدل داخل تونس، ورفضته شريحة واسعة من المجتمع، التى رأت صراحة أن بعض مقترحاته تتعارض مع النص القرآنى، الذى يعطى للمرأة نصف الرجل فى المواريث، فى حين سوى النص القانونى بين الجنسين، وأيضا ألغى العدة للنساء المطلقات والأرامل، وعدم تجريم المثلية الجنسية دون أن يبيحها.وقد تظاهر عشرات الآلاف، أمس الأول، رافضين ما جاء فى تقرير لجنة الحريات وظهر واضحاً حجم الانقسام داخل المجتمع التونسى بين تيار محافظ قوى، ومتجذر خارج العاصمة والمدن الساحلية، وبين تيار ليبرالى مؤثر فى المدن الكبرى ولديه مؤسسات وجمعيات حقوقية ومدنية قوية تؤيد القانون.وبدت هناك ملامح عودة جديدة لاستقطاب علمانى/ إسلامى وانقسام مجتمعى على أسس ثقافية ودينية بعد أن نجح هذه المرة فى تحييد حركة النهضة (ذات الأصول الإخوانية) التى لم تعارض بشكل واضح القانون، إنما عارضه بشكل أساسى تيارات مجتمعية محافظة ولجان شعبية شكلت لمناهضه قانون لجنة الحريات، كما تحركت فى الظل ضده بعض القوى السلفية.وقد دفع هذا الانقسام المجتمعى العميق الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى فى خطابه، أمس الأول، بمناسبه الذكرى 62 لعيد المرأة التونسية، إلى أن يقدم على ابتكار صيغة قانونية توافقية وغير مسبوقة، وتمثل رسالة مهمة لمجتمعات عربية كثيرة تعانى من انقسامات مشابهة، فقد أعطى لكل مواطن تونسى الحق فى أن يختار إما النص القانونى الذى سيسوى فى الإرث بين الرجل والمرأة، أو الشرع الدينى الذى يعطى للمرأة نصف الرجل.وقال الرئيس التونسى، فى خطبه بليغة، إن تونس دولة مدنية ودستورها مدنى وقوانينها وتشريعاتها مدنية، ولكن فى نفس الوقت شعبها مسلم وكثير من أبنائها يفضلون العيش وفق قوانين الشريعة، خاصة فى الأمور المنصوص عليها فى القرآن الكريم.اعتبر البعض قرار الرئيس التونسى تلفيقيا، واعترض عليه البعض الآخر، فى حين دعمه غالبية أبناء الشعب التونسى حتى من اعتبروه (من الجانب العلمانى) أنه غير كاف ولكنهم وصفوه بأنه خطوة على الطريق الصحيح.الدولة المدنية لا يجب أن تلغى الدين من المجال العام، ويجب أن تحترم مشاعر الأفراد الدينية وقناعاتهم الإيمانية وحقهم فى ممارسه جميع شعائرهم الدينية بشكل حر، وهى هنا تختلف عن النظرة العلمانية التقليدية أو الإقصائية والتى تهندس حياة الأفراد وتدخل فى قناعاتهم الشخصية والدينية مثلما جرى فى تركيا فى الفترات الأولى التى أعقبت تأسيس نظامها العلمانى.يقيناً الدولة المدنية هى التى تعطى التأصيل الفكرى لمسألة التوازن والحول الوسط لأنها لا تنطلق من فكرة الحق الإلهى فى الحكم أو أن قوانينها منزلة من السماء، فهى قوانين وضعية تتميز بالنسبية وتحترم حقوق الأفراد وخياراتهم وتنوعهم، ولو كانت تونس دولة دينية لكانت اعتبرت المطالبين بالمساواة فى الإرث بين الرجل والمرأة كفارا يجب قتلهم، فى حين أن الدولة المدنية اعتبرت الرافضين للمساواة تونسيين لهم حقوق وواجبات مثل الآخرين، فأعطت لهم حق الاختيار بين القانون المدنى وبين الشريعة الدينية، وقدمت صيغة أكثر انفتاحا ورحابة فى التعامل مع الانقسام المجتمعى.قرار رئيس الجمهورية التونسى قرار صائب، لأن نجاح أى تجربة مدنية يتوقف فى قدرتها على تلبية احتياجات أغلب مواطنيها ولا تدخل فى خصومه عقائدية مع المتدنيين مثلما جرى فترات سابقة إنما تعطيهم نفس الحقوق والواجبات وتسمح لهم بممارسة شعائرهم وقناعاتهم الدينية.وقد يعتبر البعض أن ما فعله الرئيس التونسى إهدار لمعنى دولة القانون، فالقوانين لا تطبق بشكل انتقائى على الأفراد، وهو نظريا صحيح، ولكن عمليا يجب التمييز بين القوانين التى تنظم المجال العام والسياسى، وبين تلك التى تنظم الحياة الشخصية للأفراد فطالما أن هذا القانون سيعطى الحق للأفراد للاختيار الحر فى أمر عقيدى ونفسى، فمن حقهم أن يختاروا لأنه أمر يتعلق بالفرد لا المجتمع.أعتقد أن تونس مازالت على الطريق الصحيح رغم التحديات الكبيرة التى تواجهها وقرار الرئيس التونسى بإعطاء الحق للأفراد بالاختيار بين القانون المدنى أو الشرع نزع فتيل أزمة كبيرة، وأنه قد يكون أمراً ذا أهمية ودلالة معرفة نسب من سيختارون فى البداية القانون المدنى ومن سيختارون الشرع الدينى، وإذا كان من المتوقع حاليا أن تكون النسب متقاربة، فأعتقد أنها مع الوقت ستميل لصالح من سيختارون القانون المدنى.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علمانية تونس على المحك علمانية تونس على المحك



GMT 04:37 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

من مفكرة الأسبوع

GMT 04:32 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حين غابت الرقابة على الأسعار

GMT 04:22 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

دافوس الصحراء والأمل يتحول لأرقام

GMT 04:12 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الأردن يتحدى إسرائيل

GMT 04:42 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

يوم أردني مُشبع بالفوضى والفساد.. خربانة!

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:50 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 04:37 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 02:19 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انطلاق برنامج "حكايات لطيفة" بداية الشهر المقبل علي "dmc"

GMT 01:31 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نقد لاذع لأداء كيليان مبابي ومركزه كمهاجم صريح في ريال مدريد

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 15:38 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ميتسوبيشي تظهر ''Eclipse 2018'' قبل أيام من جنيف

GMT 05:03 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

9 قطع باهظة الثمن لغرفة المعيشة لا تستحق إنفاق المال عليها

GMT 11:01 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء

GMT 08:21 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الميزان" في كانون الأول 2019
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday