أقاصيص قصيرة جدًا
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

أقاصيص قصيرة جدًا

 فلسطين اليوم -

أقاصيص قصيرة جدًا

عمار علي حسن

الطاغية الذى ملأ الأرض ناراً ودماً، لم يجد من يلوذ به فى لحظة انكساره سوى كتف امرأة يعشقها، وضع رأسه عليه، وبكى بحرقة، وهو يكتم نشيجه الحار حتى لا يصل إلى أسماع مطارديه.

غمست أصابعها الناعمة فى شعره المسترسل، والعجب يملأها، إذ لم تكن قد رأته هكذا أبداً، بل تخيلت أنه إذا بكى فسيسقط من عينيه حصى مسنون وجمر صافٍ.

قلبت وجهه الخشن فرأته طفلاً لوّعه ضياع لعبته، وتذكرت كيف كان يلهو بمن حكمهم سنين قبل أن يخلّى ملكه وراء ظهره.

كان بالفعل طفلاً، وتمنت هى لو أن هذه الهزيمة قد جاءت قبل سنين حتى تلهو بصغيرها زمناً طويلاً.

صور

جلس الولد ذو الجسد المطلى بالشحوم والزيوت والطين وسط الأطباق اللاقطة المبعثرة على سطح البناية الشاهقة. حملق فى تجاويفها الناعمة التى يحط عليها غبار كثيف، فرأى رجلاً وسيماً يقبّل امرأة جميلة، ولاعباً يركل كرة فتهوى بعيداً، وشجراً يهتز تحت مطر شديد، وعرائس من خشب وقطن تتراقص يمنة ويسرة، وأسداً يلتهم وعلاً، وضباعاً تربض بعيداً تنتظر انتهاءه من طعامه، وهدهداً يحلق فى سماء قريبة، ثم يهبط على مهل، ونهراً عذباً جارياً، ينجرح فى طريقه، فتظهر ترعاً وسيعة، ومسارب ضيقة، وشاباً يتشاجر مع قرينه على جسر عالٍ.

فرك الولد عينيه وهو يغمضهما، ثم فتحهما فجأة، وراح يخلع ملابسه على مهل، ليلقى جسده فى النهر، محاذراً من أن يراه الأسد والضباع، أو ينبئ الهدهد الشابين المتشاجرين بما فعل.

شطرنج

حرك بيدقه الأسود فحاصر الملك الأبيض، وأدرك خصمه أن قد خسر اللعبة. عندها ترك الرقعة، ووقف يرقص بشدة، ويقول:

- من هنا فى هذا المقهى المعزول الصغير يمكن أن تجرى معجزة لا ينالها البشر فى ساحات الحياة المديدة.

احتلال

وأنا جالس فوق بقعة أرض محتلة، رفعت بصرى إلى الوهج والنور الغامر، وسألته:

- لماذا لا نسمع يوماً عن الشمس المحتلة؟

ورأيت طائرات حربية تمرق فى الفضاء إلى أعلى، ودبابات تطحن جنازيرها الهواء، وناقلات جند تصعد على عجل، وأنساقاً متتابعة من جنود لا حصر لهم يصوبون بنادقهم فى وجه الفراغ، ويحفرون خنادقهم فى قطع السحاب المتتابعة، ثم يفارقونها ويغيبون فى الأزرق الفسيح.

لم تمض سوى ساعات حتى رأيت جمرات ضخمة تتساقط من جوف السماء، كانت تتوهج أمامى، لكنها قبل أن تصل إلى البقعة التى أجلس عليها، اختفت تماماً، وبدا قرص النار والنور أقرب إلى رأسى من أى وقت مضى.

قنبلة

قضى ثلاث ليالٍ يجهز قنبلته وحوله البارود والمسامير، وصفائح من صاج. طاف ذهنه وهو عاكف على صناعة الموت بمشاهد ملأت رأسه، جثث ممزقة ملقاة فى الشارع، وبرك من دماء تتابع بلا انتهاء، وذعر يسكن عيون العابرين، وصافرة عربات الشرطة تنعق بلا هوادة، وكاميرات التليفزيونات تهرع لتمسح المكان، وتحط على وجوه الثكالى، وتبرق الدموع فى ضوئها المبهر.

فى الليلة الرابعة أراد التأكد من أن قنبلته جاهزة، فقلبها ومد يده فى حذر إلى فتيل صغير، فانفجرت. ولم يجد الناس سوى جثة واحدة، لم يبك عليها أحد، ولا سعت إليها كاميرا، ولا زعقت نحوها أبواق عربات الشرطة، وانصبت عليها كل اللعنات.

حرب

قرر الصاروخ الذى أطلقته الطائرة بالغة التعقيد والتطور أن ينحرف عن الهدف الذى هو ذاهب إليه بدقة متناهية، بعد أن رأى طفلين يلعبان الكرة، وشجرة ترقص فى النسيم، وقطة منكمشة إلى جانب سور البناية العسكرية التى أخلاها الجنود قبل نصف ساعة فقط.

شكوى

يخرج عند الضحى من بيته على حماره قاصداً حقله. فى الطريق يستوقف المارة، لا يترك أحداً إلا ويقضى ويشكو له حاله، الزوجة المريضة والديون التى تراكمت وإخوته الذين ظلموه وابنه الغائب.

حفظ الناس حكايته التى لا يمل من تكرارها، ويضيف إليها كل يوم عبارات أخرى بقدر ما يسعفه لسانه. لم يعد لديه جديد، فكان الناس يتجنبونه، مختبئين بين الزروع، أو مسرعين وهم يديرون وجوههم إلى الناحية الأخرى.

عرف أن الكلام مع الناس لا يرجى منه، فكان يخاطب حماره، ويكلم الشجر والنخيل. لم يرد عليه أى منها، فراح يرفع يديه إلى الفضاء، ويكلم الله، مكتفياً به عن الناس والأشياء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقاصيص قصيرة جدًا أقاصيص قصيرة جدًا



GMT 08:02 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

غزة امتحان لترامب

GMT 07:59 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

قلّة عددهم

GMT 07:56 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«الهلالُ» الذي «صبّح» إنجلترا

GMT 07:55 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

«ألغام» في طريق هدنة غزة

GMT 07:53 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

مجتمع دير المدينة

GMT 07:51 2025 الخميس ,03 تموز / يوليو

الغباء البشري

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 07:20 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجوزاء" في كانون الأول 2019

GMT 15:13 2014 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض "الشارقة للكتاب" يستضيف الإعلامي أسامة مرّة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday