عبد الرزاق بوكبة يصدر تجربته القصصية الثانية

اختار الكاتب الجزائري عبد الرزاق بوكبة دار "العين" المصرية، لإصدار تجربته القصصية الثانية "كفن للموت"، بعد تلك التي أصدرها عن دار "ألفا" الجزائرية عام 2008، بعنوان "أجنحة لمزاج الذئب الأبيض"، وفازت في مسابقة "بيروت 39" عام 2010، وتشترك هذه التجربة مع سابقتها في كون البطل الرئيسي في كل النصوص هو نفسه، ففي "أجنحة لمزاج الذئب الأبيض" نجد الولهي بن الجازية صاحب الريشة، فيما نجد في "كفن للموت" الزبير بن نجمة، وتختلف عنها في أن هذه الأخيرة اشتغلت على موضوع واحد هو الموت.
وتفاوتت القصص داخل الكتاب، ما بين قصيرة وقصيرة جدا، لكنها استعملت جميعا لغة تميل إلى الاختصار، وتسعى إلى قول المعاني من غير ثرثرة لغوية، فكأن بوكبة بقى وفيا لارتباطه بشعر الومضة الذي عرف به في دواوينه الشعرية فصيحة وزجلية.
نقرأ في قصة "الهاتف" أن الزبير بن نجمة سمع بسقوط الطائرة التي تتواجد عليها صديقته سارة الأشهب، وما أعطاه العزاء أنه سمع بالموازاة بنجاة بعض الركاب، فتيقن بأنها نجت، لأنه يعرف ارتباطها بالحياة، وراح ينتظر أن تكلمه في الهاتف، منخرطا في حديث معه، ومذكرا إياه بصوتها فيه، إلى أن سمع طرقا على الباب، وحين فتحه واجهه رجال الشرطة بتابوت فيه جثة صديقته، طالبين منه التوقيع على محضر استلام الجثة، غير أنه رفض ذلك، وعاد إلى جوار هاتفه مواصلا انتظاره أن تتصل به.
أما في قصة "الستار" فيتمرد الزبير بن نجمة على مخرجه المسرحي، في العرض الشرفي للمسرحية، ويقدم عرضا مختلفا تماما عن ذلك المتفق عليه منذ البداية، فجاءت النهاية بانتحار الممثل وعازفة الموسيقي واقتحام الجمهور للحبال المعلقة لشنق نفسه.
لا تخلو النصوص ال(15) من الموت، لكنه موت يهزم في النهاية على يدي الزبير وسارة، لترفع الحياة رأسها مرة أخرى، وهو الوضع الذي أتعبهما، فقررت سارة مراسلة الكاتب عبد الرزاق بوكبة، لتطلعه على مخطوطة كتبتها مع صديقها الزبير، عن تجربتهما مع الموت، عله يساعدهما في نشرها، لكنهما يفاجآن بأن بوكبة نشرها باسمه تحت عنوان "كفن للموت".
هذا الارتباط في الشخوص والأحداث داخل النصوص، أعطاها ملامح من الرواية، من منظور تجريبي، لكنه لم يجردها تماما من هويتها القصصية المستقلة، بحيث يمكن أن تقرأ منفصلة ومتصلة في الوقت نفسه.
هنا لعبت اللغة البصرية التي كتبت بها النصوص، دورا في توريط القاريء في مناخات الزبير بن نجمة وسارة الأشهب، وهما يلعبان مع الموت يوميا، وهى لغة وظيفية تحالفت مع معمار خاص، فكانت النصوص كأنها مشاهد من فيلم.
يذكر أن عبد الرزاق بوكبة من مواليد 1977، وهو ينتمي إلى جيل ما بعد الإرهاب في الجزائر، ويعرف عنه اشتغاله على أكثر من جنس أدبي، حيث أصدر في الرواية "جلدة الظل: من قال للشمعة أف؟" عام 2009 و"ندبة الهلالي: من قال للشمعة أح؟" عام 2013، وفي الشعر "من دس خف سيبويه في الرمل؟" عام 2004 و"يبلل ريق الماء" عام 2013 و"الثلجنار" عام 2014 و"وحم أعلى المجاز" عام 2015، وله كتب أخرى في الإعلام الثقافي وأدب الرحلة.