رام الله – خالد أبوسرحان
حذر خبير في الشؤون المائية من كارثة مائية تهدد قطاع غزة، مطالبًا بسرعة التحرك ووضع استراتيجيات للحد من خطورة تفاقم أزمة المياه في القطاع، والتي تمر بحالة من التدهور الكمي والنوعي.
وأضاف الخبير في شؤون المياه، المهندس جمال الددح، أنَّ "أزمة المياه في قطاع غزة في تفاقم متزايد، الأمر الذي يقتضي إيجاد حلول سريعة ووضع استراتيجيات لإدارة قطاع المياه والصرف الصحي لكي تلبي متطلبات الحاضر والمستقبل".
وأوضح الددح، الذي يشغل منصب عضو مجلس إدارة جمعية التنمية الزراعية "الإغاثة الزراعية" في تقرير له، أنَّ "قطاع غزة يعتمد على المياه الجوفية كمصدر وحيد للتزود بالمياه لجميع الاستخدامات، وحسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي، فإن عدد سكان القطاع سيزيد عن 2.3 مليون نسمة بحلول عام 2020 وبالتالي سيزداد الطلب علي المياه كما ستزداد كميات الصرف الصحي المنتجة".
وأكد الددح أنَّ "الوضع المائي في قطاع غزة يمر بحالة من التدهور الكمي والنوعي من حيث انخفاض منسوب المياه بشكل عام في معظم الآبار الجوفية والذي يصل إلى ما يزيد على 14 مترًا من منسوب سطح البحر، ووصل إلى أكثر من 20 مترًا في منطقة رفح".
ولاحظ الخبير المائي تذبذبا في المنسوب واختلاف كمية الضخ السنوي، والتي تشير إلي الزيادة في الطلب على المياه تلبية لحاجات السكان المتزايدة، موضحًا أنَّ كميات السحب لقطاع المياه سجلت عام 2013 أكثر من 180 مليون متر مكعب، في حين ما يعود للخزان الجوفي كمصادر متجددة لا يتجاوز 100 مليون متر مكعب في العام.
وتابع "هذا النقص في مياه الخزان الجوفي جاء نتيجة زيادة في السحب منه، وهو ما سبب حالة عدم توازن في ميزان المياه، وذلك سبّب عجزًا سنويًا بمقدار 80 مليون متر مكعب، ما أدى إلى ظاهرة زحف مياه البحر إلى عمق الخزان الجوفي، إضافة إلى تدني نوعية مياه هذه الآبار".
وبيّن أن ملوحة هذه الآبار تتراوح ما بين 1500 و3500 مليجرام/ لتر "أملاح ذائبة كلية"، حسب تقارير سلطة المياه 2013، في حين توصي منضمة الصحة العالمية بألا تزيد هذه القيمة عن 1000 مليجرام/لتر.
ونبه من أن مشاكل القطاع المائي تتعدى مصادر المياه لتصل إلي شبكات التوزيع حيث تقل كفاءتها مع مرور الزمن، وأيضًا تزداد الوصلات غير القانونية عليها، ما يثقل كاهل مزود الخدمة والمواطنين.
وتطرق الخبير المائي إلى المشكلات التي يعانيها قطاع الصرف الصحي والتي في بعض الحالات تؤدي لحدوث كوارث بيئية أو أضرار بيئية في حالات أخرى، مشيرًا إلى أنَّ خدمات الصرف الصحي في القطاع تواجه أزمة كبيرة فالبنية التحتية لجمع ومعالجة المياه العادمة غير كافية والمحطات القائمة توفر فقط معالجة جزئية، ويتم تصريف مياه الصرف الصحي الخام والمعالجة إلى الأودية والبحر، أو تتسرب في أحواض الترشيح من خلال التربة وتصل في نهاية المطاف إلى المياه الجوفية، كما تستخدم المنازل غير المرتبطة بشبكات المياه حفر امتصاصية لا يتم تفريغها بشكل مناسب في ظل المناخ الاقتصادي الراهن.
أما بالنسبة لشبكات مياه الأمطار، فكشف الددح أنه لا توجد إلا في بعض المناطق من غزة وخان يونس ورفح وأجزاء محدودة من المدن والمخيمات، والبعض من هذه الشبكات تختلط بها مياه الصرف الصحي الزائدة فهناك استفادة محدودة من مياه الأمطار المتجمعة، بالإضافة إلى غياب البنية التحتية لتجميع مياه الأمطار في معظم مناطق قطاع غزة.
وأعلن أن إجمالي الطلب على المياه يشمل زيادة بشكل كبير لاستيفاء الحد الأدنى من المياه للأغراض المنزلية والزراعية والصناعية، منوها إلى انه في هذا الإطار سيتم تحديد الاحتياجات المستقبلية لقطاعي المياه والصرف الصحي بناءً على زيادة عدد السكان ومعدل استهلاك الفرد الذي يجب ألا يقل عن 150 لترا/ شخص/ يوم.
وشدد على أنَّ سلطة المياه بالتعاون والتنسيق مع جهات الاختصاص المحلية والعربية والدولية تبذل جهودا جبارة من أجل تطوير قطاع المياه والحد من المشاكل التي يعاني منها بكافة الطرق والوسائل المتاحة في إطار استراتيجية وطنية مائية طموحة.
وذكر أنَّ سلطة المياه بدأت بإنشاء محطات خاصة لتحلية مياه البحر والاستفادة منها، بالإضافة إلى إنشاء محطات معالجة للمياه العادمة وإعادة استخدام المياه المعالجة في الري، والحد من مصادر تلويث المياه، وتشجيع البلديات على تجميع واستغلال مياه الأمطار وتوفير أنظمة تكنولوجيا مراقبة الآبار الجوفية.
كما تعمل سلطة المياه حسب الددح على تحسين وضع شبكات المياه وتقليل الفاقد وذلك بكافة الطرق وبأسرع الإمكانات، بالإضافة إلى مشروع المراقبة الصحية وتقليل الأمراض الناتجة عن المياه، مع تقديم المعونة الفنية والمادية لتشجيع الأبحاث العلمية في الجامعات المحلية، وتطوير المصادر البشرية العاملة في قطاع المياه.