غزة – محمد حبيب
دعت عشرات الشخصيّات السياسية والأكاديميّة والناشطون المجتمعيّون والشباب إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أساس شراكة حقيقية وبرنامج وطني يجسد القواسم المشتركة بين مختلف الأطياف السياسية، والعمل على تطبيق بنود اتفاقات المصالحة من "اتفاق القاهرة" وحتى "إعلان الشاطئ"، وإلى إعادة الاعتبار للمشروع الوطني وللقضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني تحتل مركز الصدارة في الاهتمامات العربية، لا سيما في ظل المتغيرات التي تعصف بالمنطقة.
وفي ضوء محاولة "إسرائيل" استغلال هذه المتغيرات لتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدة أنَ تعميق الاحتلال والاستيطان والتهويد وتدمير فرص التوصل إلى حل سياسي يضمن إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة العام 67، وعاصمتها القدس، هو الخطر الأكبر الذي يواجهه الشعب الفلسطيني.
وجاء ذلك خلال حلقة حوارية نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، بالتعاون مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية، تحت عنوان "القضية الفلسطينية، التحديات والمخاطر والفرص"، وقدمت فيها ورقة أفكار واقتراحات لمعالجة الوضع الكارثي في القطاع ضمن رؤية وطنية شاملة، تم تداولها في اجتماعين سابقين بمشاركة شخصيات وطنية واعتبارية من الضفة والقطاع.
وتأتي حلقة الحوار هذه في إطار مشروع دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينية، الذي ينفذه مركز مسارات بالتعاون مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية، وتهدف إلى تحفيز الحوار بشأن تحويل التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني إلى فرص وفق رؤية مشتركة تعزز وحدته وكفاحه الوطني، مع التركيز على تقديم اقتراحات عملية لمعالجة الوضع الكارثي في قطاع غزة في سياق إعادة بناء الوحدة الوطنية.
وطالبت هذه الشخصيات، من قادة الفصائل الوطنية والإسلامية والنواب وممثلي منظمات أهلية وأكاديمية ومجموعات شبابية، بإنهاء معاناة سكان قطاع غزة ورفع الحصار عنه والخروج من الوضع الكارثي الذي يعيشه القطاع، من خلال تحمّل الحكومة ومختلف الأطراف الفلسطينية لمسؤولياتها، والبدء فورًا بإعادة الإعمار وفتح المعابر وإدخال مواد البناء، وحل مشاكل شبكة الكهرباءز
كما دعا العديد من هذه الشخصيات إلى مغادرة مواقع تسجيل المواقف وإصدار البيانات والنداءات من أجل إنهاء الانقسام، لأن ذلك لم يعد يكفي لاستعادة الوحدة، مطالبين بإطلاق مبادرات عملية لممارسة ضغط وطني وشعبي متصاعد يفرض على حركتي "فتح" و"حماس" التقدم في مسار المصالحة بما تعنيه من إعادة بناء الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير، وعلى قاعدة برنامج وطني موحد واستراتيجية شاملة قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية الجماعية، ومعالجة مشكلة وهموم مختلف التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات.
وصرح مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات، خليل شاهين، في كلمة عبر "سكايب" من رام الله، حول أبرز المخاطر والتحديات والفرص التي يواجهها الفلسطينيون، أنَه لا يوجد أي حل وطني قريب للقضية الفلسطينية، وقال إن ما يعرف باسم "حل الدولتين" لا يزال مطروحًا على أجندة الحراك السياسي، فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، ولا بد من التعامل معه ولو من قبيل اعتراض تقدم المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري على الأرض.
ودعا شاهين، إلى صياغة استراتيجية وطنية شاملة تقوم على أساس إعادة بناء التمثيل الوطني والوحدة الوطنية، مع تركيز الجهود على إحداث تغيير في ميزان القوى المختل لصالح إسرائيل، عبر توسيع وتفعيل المقاومة بأشكالها المختلفة، وفقًا لخصوصية وظروف كل من تجمعات الشعب الفلسطيني، وإعادة النظر في شكل السلطة ودورها ووظائفها، وتوسيع حركة المقاطعة فلسطينيا وعربيًا ودوليًا، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي العربي لصمود الشعب الفلسطيني.
وأشار القيادي في حركة "فتح"، هشام عبد الرازق، في الجلسة الثانية التي أدارها الكاتب والباحث تيسير محيسن، إلى ضرورة أخذ الدورس والعبر من حركات التحرر والثورات في العالم، التي حققت أهدافها في التحرر والاستقلال الوطني من خلال الوحدة والاتقاق على برنامج وطني يجسد القواسم المشتركة، مطالبًا الأطراف الفلسطينية، وخصوصًا "فتح" و"حماس"، بتوفير الإرادة اللازمة لاستعادة الوحدة الوطينة، والعمل على بلورة برنامج سياسي يحدد فيه الهدف الفلسطيني بوضوح.
ونوه القيادي في حركة "حماس"، غازي حمد، ، إلى أهمية وجود شراكة سياسية تقوم على مراجعة كل طرف لمواقفه من أجل خلق ثقة حقيقية لإنجاز المصالحة وتطبيق ما ورد في الاتفاقات، وأشار إلى أنَ سياسة الرئيس القائمة على المفاوضات الثنائية في ظل الاختلال الفادح في ميزان القوى والذهاب إلى مجلس الأمن والجمعية العامة لم تؤد إلى نتيجة، فلا بد من التوافق على استراتيجية وطنية تخرج القضية من المأزق التي تعيشه على أساس برنامج سياسي يجسد القواسم المشتركة ويحفظ الحقوق والأهداف الفلسطينية