تدني مستويات الخدمة في مستشفيات غزة

جدَّد وكيل وزارة الصحة د. يوسف أبوالريش, تحذيره من احتدام الكارثة المحدقة بمستشفيات وزارة الصحة ومرافقها جراء استمرار توقف شركات النظافة عن العمل لليوم العاشر على التوالي, وأنَّ مستشفيات قطاع غزة تفتقر إلى أدنى مستويات تقديم الخدمة الآمنة، ما يعني أنَّ حياة مرضى قطاع غزة أصبحت على المحك. وذكر د. أبوالريش، الاثنين، أنَّ الحالة التي وصلت لها الوزارة منذ نشأتها حالة يتهددها الإشكاليات والأزمات المركبة، والتي نتجت عن تلكؤ حكومة التوافق في القيام بمسؤولياتها تجاه غزة وبالأخص القطاع الصحي وتوفير متطلباته والتعامل مع غزة والضفة كوحدة جغرافية واحدة, مشيرًا إلى أنَّ الأزمة الحالية التي تشتد فصولها هذه الأيام ليست العنوان الوحيد للأزمات التي تهدد استمرارية تقديم الخدمات الصحية منذ شهور مثل توقف شركات التغذية وعدم توافر المصاريف التشغيلية ونقص الوقود وعدم توافر قطع الغيار وغيرها من الإشكاليات التي تجعل من الوزارة عاجزة على الإيفاء بما هو مطلوب منها للمواطنين وخاصة المرضى.

كما شدَّد د.أبوالريش على أنَّ أساس المشكلة هي عدم قيام وزير الصحة حتى هذه اللحظة بممارسة مهامه كوزير لشطري الوطن والاكتفاء بإدارة الوضع الصحي في الضفة, مشيرًا إلى أنَّ عدة مراسلات وجهة إلى وزير الصحة بطرق متعددة منها عبر اللجنة المشكلة من قبله وبقراره لمتابعة الاحتياجات الصحية في غزة، إلا أنَّ كافة هذه الاتصالات والقنوات لم تأتي بنتائج تنهي وبشكل كامل معاناة المنظومة الصحية في القطاع.

وأضاف د. أبوالريش أنه وجراء هذه الأزمة أعلنت الوزارة في غزة حالة الطارئ لمتابعة تداعيات الوضع؛ حيث كان للجنة الطوارئ العليا عدة قرارات أطرت بموجبها إلى إغلاق ووقف عدة خدمات صحية مثل العمل بالعيادات الخارجية والعمليات المجدولة وإغلاق مستشفى الحرازين للولادة نظرًا إلى انعدام بيئة عمل صحية وللخطر الذي يتهدد المرضى المنومين والطاقم العامل, كما وأنَّ الخطر أبح يتهدَّد من انتشار الأوبئة والأمراض إلى المجتمع ما يعني تهديد الآمن الصحي بشكل كامل.

وأشار د. أبوالريش إلى الجهود التي بذلتها الوزارة بكافة أركانها لتطويق الأزمة والإبقاء على أجواء مناخ صحي للمريض وللطاقم؛ حيث بدأت بتنفيذ حملات تطوعية لتنظيف المستشفيات تحت عنوان لن نتخلى عن مرضانا وأنَّ تخلى عنهم الآخرون والتي هي عبارة عن مبادرة قامت بها الطواقم العاملة بالوزارة بمستوياتها ومسمياتها المختلفة من أجل التخفيف من تراكم النفايات المكدسة في الأقسام, كما فتحت باب التطوع للمؤسسات والهيئات بالشكل الذي يضمن سلامة المتطوعين كما وتواصلت مع جميع الجهات الدولية والمؤسسات الحقوقية والفصائل وجميع ذوي العلاقة من أجل المساهمة بإنهاء الكارثة وإقناع الوزارة في رام الله بوجوب القيام بمسؤولياتها تجاه المرضى في غزة وعدم الاكتفاء بالحلول التي لا تستأصل الأزمة من جذورها, مشيرًا في هذا السياق إلى تقارير المؤسسات الدولية كمنظمة الصحة العالمية وأوتشا وغيرها من مؤسسات رصدت في تقاريرها الحالة الكارثية للقطاع الصحي في غزة.

وبشأن الواقع الدوائي على أرفف وزارة الصحة أكد د. أبوالريش أنَّ هذه الأزمة من العناوين التي أرقت العمل الصحي في غزة لسنوات وازدادت حدتها قبيل العدوان الغاشم على غزة، حيث عمدت الوزارة إلى ترشيد الاستخدام وتعليق العمل في العمليات الجراحية المجدولة وتوجيه الأرصدة المتبقية لأقسام الطوارئ لمواجهة أيّة مستجدات حيث كانت الحرب وما شهدتها الأقسام والمرافق التي استقبلت الجرحى من استنزاف هائل في أصناف الطوارئ والعمليات والعناية المركزة إلى أن وصلت عديد التبرعات من قِبل المؤسسات الصحية المانحة, لكن في بنود أخرى مثل أدوية السرطان والرعاية الأولية والأمراض المزمنة والمناعة فلا يزال رصيدها صفر.

واعتبر د. أبوالريش الاتهامات التي صدرت من خلال تصريحات لعدد من المسؤولين في الوزارة في رام الله ماهي إلا محاولة لخلط الأوراق والتنصل من المسؤولية ونقل المشهد إلى مربع الاتهامات، داعيًا في الوقت ذاته المعنيين إلى الاطلاع على الأنظمة المحوسبة المعمول بها لمتابعة أي صنف منذ لحظة وصوله لأي من المعابر وحتى صرفه للمريض وأنَّ شركاء العمل الصحي على اطلاع بطبيعة العمل.

كما نوه إلى التشكيك المستمر في طرق التعامل مع إيرادات الوزارة والتي لا تتجاوز 5 % من مجمل مصاريف الوزارة وأن جميع الإيرادات وفقًا للقانون الفلسطيني تذهب إلى وزارة المالية كما هو الحال في الوزارة في الضفة.

وتطرق وكيل وزارة الصحة إلى قضية التمييز الواضح تجاه الموظفين والمتمثل بحرمانهم من حقوقهم الشرعية ومن رواتبهم بدلاً من مكافأتهم على ما بذلوه من عطاء بلغ تقديم البعض روحه ودمه ثمنًا لإنقاذ أرواح أهلنا في غزة, وأنَّ تلك الأزمة لها من التأثير الكبير على عمل الطواقم ومواظبتهم, مشيرًا إلى توقف البعض ممن وقعوا عقودًا للعمل من خلال برامج التشغيل المختلفة أحدث خللاً في شغل عديد الأماكن داخل الوزارة, مضيفًا إلى أنه تم حرمان بعثة الحج لهذا العام منتلقي المصاريف أسوة بمن كلفوا من الوزارة في رام الله.

وتوجه د. أبوالريش برسالة عاجلة لوزير الصحة ولوزير المالية للحضور إلى غزة أو إرسال من يروه مناسبًا أو البحث في أي وسيلة تواصل للبحث الجاد والمشترك في إنهاء الأزمات وألا معنى لأي من الاتصالات التي لا تضع حلولاً جذرية لأن حياة الناس ومعاناتهم يجب أنَّ تحيد بأنَّ تكون أداة في يد المتنفذين والذي صمت آذانهم عن آهات المرضى, وأنَّ على الحكومة سرعة التحرك لتلبية احتياجات الصحية باعتباره قطاع خدماتي بامتياز وأنه من الغير المقبول والمستهجن ترك المنظومة الصحية تغرق وتنهار أو تتوقف كما وصل إليه الحال في هذه الأيام.