رام الله – وليد ابوسرحان
تشيرالتحركات القيادية والتنظيمية للرئيس الفلسطيني محمود عباس مع اقترابه من عتبة الثمانين عامًا من العمر إلى أنه يبحث عن إنجاز سياسي يحققه للشعب الفلسطيني ليختتم به حياته السياسية، ليذكره التاريخ بأن له بصمة انجار في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال الاسرائيلي.
وتشير الأجواء المحيطة بسياسة صنع القرار الفلسطيني بأن عباس الذي يقود الفلسطينيين منذ يناير عام 2005 ينصب جهده حاليا على تحقيق انجاز سياسي من خلال الأمم المتحدة ومؤسساتها ليسجل له التاريخ بأنه نجح في إحداث اختراقات على الساحة الدولية ساهمت في تجسيد الحلم الفلسطيني بالحصول على دولة مستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 .
ويسعى عباس إلى أن يذكره التاريخ الفلسطيني في يوم من الأيام كصانع انجازات، وقاد الفلسطينيين للاستقلال، وأن لا يظلوا يذكروه كرئيس حدث في عهدة الانقسام الداخلي وانفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية وملاحقة المقاومة في الضفة الغربية والزج بعناصرها في سجون السلطة تحت شعار الحفاظ على الهدوء من أجل إعطاء الفرصة لمحادثات السلام والمفاوضات مع إسرائيل التي لم تحقيق الاهداف الوطنية للشعب الفلسطيني لغاية الان.
وفي حين باتت حقبة خلافة الرئيس الفلسطيني، الذي يكمل في نيسان القادم الثمانين عاما من العمر، مفتوحة على مصراعيها في ظل جو عام فلسطيني مؤيدا للمقاومة بعد فشل خيار المفاوضات التي قادها عباس خلال السنوات الماضية وحتى منذ اتفاق اوسلو الذي كان أحد مهندسيه، بدأ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المعتقل في سجون الاحتلال الاسير مروان البرغوثي إظهار خلافه مع عباس من خلال انتقاد نهجه وتأييده للمقاومة.
وفي ظل التماشي مع المزاج العام في الشارع الفلسطيني المؤيد للمقاومة، قال البرغوثي، إن الحرب الاسرائيلية العدوانية على قطاع غزة كانت انتصارا للفلسطينيين وإن التركيز يجب أن ينصب الآن على مقاطعة إسرائيل لجعل تكلفة احتلالها للضفة الغربية فوق قدرتها على التحمل. الامر الذي يصطدم مع توجهات عباس السياسية.
ودعا البرغوثي، في تصريحات صحافية إلى توسيع المواجهة لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المستمر منذ 47 عاما ووضع استراتيجية تختلف اختلافا كبيرا عن النهج الأكثر حذرا الذي يتبناه عباس.
وقال إن "على الفلسطينيين ان يجعلوا ثمن الاحتلال باهظا على إسرائيل." وأضاف أن "الحرية في فلسطين لن تتحقق إلا بإطلاق أوسع مقاومة تترافق معها أوسع مقاطعة سياسية واقتصادية وأمنية وسياسية للاحتلال."
وأشاد البرغوثي، دون الإشارة إلى حماس، بالحرب التي استمرت 50 يوما والتي خاضتها فصائل المقاومة في غزة ضد إسرائيل ووصفها بأنها نصر لكل الفلسطينيين. وقال "نحن نعتبر أن المعركة تمثل نصرا للمقاومة ولفلسطين ولكل الفلسطينيين."
وتابع أن المعركة "أثبتت أن إسرائيل لا تستطيع ولا تملك القدرة على حل الصراع بالقوة العسكرية وأن الطريق الوحيد لإنهاء الصراع هو انهاء الاحتلال بصورة كاملة من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967."
ودعا البرغوثي إلى "تعزيز حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على دولة الاحتلال كمقدمة لعزلها دوليا وفرض عقوبات دولية عليها."
وبينما ترك عباس الباب مفتوحا أمام إمكانية استئناف محادثات السلام مع إسرائيل رغم انهيار الجولة الأخيرة بعد ما يقرب من عام من المفاوضات قال البرغوثي إنه لا جدوى من مواصلة المفاوضات مع إسرائيل.
وقال إن "المفاوضات مع إسرائيل فشلت طوال عشرين عاما في تحقيق الحرية والعودة والاستقلال." ويشير البرغوثي إلى حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم التي فقدوها بعد قيام اسرائيل في عام 1948.
وأضاف "لا أرى أن إسرائيل مستعدة لسلام حقيقي بل ترغب في مفاوضات عقيمة تستخدمها لمواصلة الاحتلال والاستيطان وتخفيف عزلتها الدولية."
وجاءت تصريحات البرغوثي في ظل مشارفة عباس على انتهاء حياته السياسية مع تقدمه الكبير في السن حيث يتصاعد الحديث في الاوساط الفلسطينية حول خلافته.
والمشكلة أن عباس لم يختر خليفة له بل ولا يبدي أي ميل لذلك ولم تظهر أي شخصية كخليفة طبيعي له إلا أنه يتردد ستة أسماء لخلافته على ألسنة مسؤولين فلسطينيين ودبلوماسيين أوروبيين وأمريكيين وغيرهم، أبرزهم ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية الذي امتدحته جهات رسمية أمريكية بينها وكالة المخابرات المركزية لمساعدته التي أدت إلى اعتقال أبو أنس الليبي المطلوب في تفجير السفارة الأميركية في طرابلس عام 1998.
ويأتي اسم فرج في حين اسم مروان البرغوثي أحد قادة الانتفاضتين ضد الاحتلال الإسرائيلي والذي ادانته إسرائيل في خمسة اتهامات بالقتل في 2004 وعاقبته بالسجن مدى الحياة خمس مرات، حاضرا بقوة في ساحة خلافة عباس، هناك أمل بين الفلسطينيين بالافراج عنه في صفقة تفاوضية مع إسرائيل لكن آفاق ذلك ضعيفة كما يقول معظم المعلقين.
والاحتمال الثالث هو أن يبني رئيس الوزراء السابق فياض (62 عاما) قاعدة تأييد ويمثل تحديا. لكنه دائما اعتبر من الخبراء - هو مسؤول سابق في البنك الدولي - أكثر من اعتباره شخصية سياسية. ولا يتوافق نمط أدائه بسهولة مع رجل الشارع.
ومن الأسماء التي تذكر كثيرا جبريل الرجوب وهو رئيس سابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني وشخصية قيادية في حركة فتح ويدير الآن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم واللجنة الأولمبية الفلسطينية.
ورغم أن الرجوب لا يخشى من خلط السياسة بالرياضة يقول المحيطون به إن أيامه السياسية صارت خلفه.
وهذا سيترك رجلين مختلفي الخلفية والنمط جدا ليبرزا في النهاية وفق ما ورد في تقرير عن خلافة عباس وهما محمد دحلان ومحمد اشتية.
اشتية (56 عاما) خبير اقتصادي حاذق ولامع يحمل درجة الدكتوراه من جامعة ساسكس البريطانية وصعد من صفوف فتح وشارك في المفاوضات مع إسرائيل. وهو يرأس الآن صندوقا فلسطينيا للاستثمار والتنمية الأمر الذي جعله قائدا مهما للاقتصاد.
أما دحلان (52 عاما) قيادي بحركة فتح وهو قريب من البريطانيين والأميركيين.
وحسب التقرير : أفل نجم دحلان فيما يبدو عندما سحق مسلحون من حماس ميليشيا بتمويل أمريكي كان يقودها في غزة عام 2007. لكنه ظهر من جديد في الإمارات العربية المتحدة حيث جمع تبرعات ضخمة للقضايا الفلسطينية وصار شوكة في ظهر عباس من خلال تعليقات منتقدة لقيادته.
أموال دحلان وشخصيته الكاريزمية وتنشئته في غزة وركوبه السياسة والعمل المسلح يجعله قوة كبيرة لكن منافسيه يتهموه بأنه قريب أكثر من اللازم من الإسرائيليين والأمريكيين ويصورونه بالجري وراء مصالح عديدة متعارضة.وربما لا تكون الرئاسة أمام ناظريه بحسب دبلوماسي أوروبي يتعامل معه.
وقال الدبلوماسي إن دحلان شخص قادر على تحريك الآخرين من خلف ستار. وأضاف "بدلا من الرئاسة هو يشد الخيوط من فوق رأس أي من يكون الرئيس الجديد