القدس المحتلة - فلسطين اليوم
تطرق تقرير استخباري "إسرائيلي" إلى الأسباب التي دعت حركة "حماس" وباقي فصائل المقاومة إلى قبول وقف إطلاق النار بعد قتال دام 51 يومًا غزة.
وجاء في التقرير الواقع في 80 صفحة ونُشر تحت عنوان "العلاقة بين نظرية القتال والتكنولوجيا الحديثة"، لم يثبت حتى الآن وجود علاقة بين الدمار الذي حل بحي الشجاعية خلال الحرب الأخيرة وبين موافقة "حماس" على وقف القتال.
وبين التقرير أن تدمير حي الشجاعية أو ضاحية بيروت الجنوبية لم يدفع كلًا من "حماس" و"حزب الله" للقبول بوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن توقف الحربين جاء بفعل أسباب مختلفة تمامًا، ونابعة في الأساس من اعتبارات سياسية وعسكرية داخلية.
وأوضح أن انتهاء الحرب غير متعلق بالقوة النارية المستخدمة فيها باتجاه العدو بل تعتمد أكثر على مدى قناعة العدو بجدوى استمرار الحرب وكذلك قدرته على تغيير موازين السيطرة والقوة لصالحه في الحرب.
وأضاف أن هنالك اختلاط في مفاهيم الانتصار والحسم في المعارك الأخيرة التي خاضها الجيش في قطاع غزة، "فبإمكان العدو الإعلان عن انتصاره في نهاية المعركة ويعلن عن إنجازاته، وقد يكون محقًا لأن أهداف حربه متواضعة وقابلة للتحقق، ولكن مشكلة الجيش تكمن في التطلع لإنجازات كبيرة، وقد لا تتحقق، ولذلك فلا يمكننا القفز من النصر إلى الحسم".
وتابع، "هنالك فرق بين انتصارٌ ذاتي، وانتصارٌ يُعلن فيه العدو أيضً أعلن هزيمته، فـ "إسرائيل" مقتنعة بأنها حققت انتصارات على مدار 40 عامًا، ولكن "حماس" و"حزب الله" مقتنعون مثلها بأنهم انتصروا، وهذه الظاهرة تتكرر بعدها، ونقوم بالنظر للنتائج ونعرب عن رضانا، ولكننا نفاجئ مرة بعد مرة بأن العدو لا يرى في ذلك نصرًا، ونقوم بسؤال أنفسنا مرة بعد مرة: كيف عادوا لإطلاق الصواريخ بعد كل هذه الحروب؟".
وتحدث التقرير عن عجز الجيش عن استخدام تفوقه العسكري والتكنولوجي أمام عدو لا يستخدم أساليب مشابهة بل يعتمد على مبادرات ذاتية مريحة لبيئتهم، ولذلك فإن ذلك يقلل من فروقات التفوق.
وأشار إلى استخدام الجيش سابقًا لقوة نارية كبيرة جدًا لتحقيق الحسم في المعركة ولكن هذا الأسلوب لا يجدي أمام عدو هذه الأيام، فلا داعي وليس من السهل تدمير العدو بالكامل خلال هذه المعارك ولكن يجب تحقيق السيطرة على الوضع العام من حيث التطورات وقدرته على المقاومة وما شابه وذلك، بناءً على أهداف العملية.
ويذكر الخبير في التخطيط الاستراتيجي للسياسة الأمنية الدكتور "ديماه ادماسكي" أن اعتماد الجيش أكثر وأكثر على تفوقه التكنولوجي بعد العام 67 دفعه للتركيز على الجوانب التكنولوجية أكثر من العامل البشري الذي لا يقل أهمية عنها، الأمر الذي يترجم بإخفاقات في ساحات المواجهة المباشرة.
وعزا إخفاقات الجيش في الأعوام الأخيرة إلى اختلال التوازن العسكري لصالح التفوق التكنولوجي وإهمال الجندي وتفوقه في الميدان، مضيفًا أن هذا الإخفاق برز أكثر خلال حرب لبنان الثانية وحرب غزة الأخيرة، حيث اعتمد قادة الجيش على تجاربهم السابقة وتفوقهم التكنولوجي دون التعلم أكثر عن أساليب قتال "العصابات" الجديدة.
وبين التقرير أن أحد أسباب عجز الجيش عن حسم المعارك الحديثة هو ضعف التعليم العسكري المهني بين قادته واطلاعهم على تجارب الجيوش الأخرى، في الوقت الذي يعتمد قادته على تجاربهم الشخصية والبناء عليها أكثر من أي نظريات عسكرية خارجية.